- Enseignant: BOULMERKA Amina
- Enseignant: OUATIKI Cherifa

تعتبر الإدارة العامة علما حديثا لفن قديم لأنها تعتبر من العلوم الادارية ذات الاصول القديمة حيث عرفت الحضارات القديمة كالحضارة المصرية واليونانية اهتماما بإدارة الشؤون العامة عن طريق مكاتب عامة تعمل على تطبيق القانون والنظام وتحقيق العدل ، وحرص الرومان على تطوير النظام الاداري في الامبراطورية الرومانية ضمن مجالات متعددة منها السياسية والعسكرية والشؤون الداخلية والخارجية و بسقوطها اختفت معظم الانظمة الادارية لكن أغلب هذه النظم الادارية استمرت في الامبراطورية البيزنطية .
وتطور مفهوم الادارة العامة بتطور الدول وتغير وظائفها فنشأ علم الادارة العامة الذي صنف ضمن العلوم الاجتماعية كونه الأقرب اليها نظرا لاعتبار الادارة ظاهرة اجتماعية تتشارك فيها عدة اطراف.
وتنوعت دراسات علم الادارة العامة رغم صعوبة الفصل في تحديد تعريف دقيق لهذا العلم المستقل الذي تكرس بنظرياته وفكره الاداري البحت الذي أطرته المدارس الكلاسيكية وطورته المدارس الحديثة .
وسنتعرض في هذه المحاضرة الموجهة لطلبة الحقوق في السنة الأولى ماستر " تخصص قانون عام معمق " إلى دراسة علم الادارة العامة من خلال ثلاثة محاور ، محور أول يتضمن مدخلا تمهيديا الى مفهوم علم الادارة العامة وتطوره عبر النظريات الكلاسيكية والحديثة والمعاصرة التي أظهرت أنه يدرس من عدة مداخل منها المدخل القانوني، ومحور ثاني يتناول المناهج والنماذج الحديثة لعلم الادارة العامة مع متطلبات العصرنة وصولا الى الادارة الالكترونية ومفاهيم الرقمة والتحول الرقمي للادارة مع ادراج نموذج الإدارة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ( نموذج الإدارة الذكية) ، أما المحور الثالث فسيتناول وظائف الادارة العامة التي اتفق جل العلماء الدارسين لعلم الادارة العامة عليها وتتمثل في التخطيط ، التنظيم ، الرقابة ، الاتصال ، التنسيق ، القيادة ، التوجيه ، و اتخاذ القرار .
- Enseignant: BENSERIAH Souad
- Enseignant: HABOUCHE ouahiba
- Enseignant: DJALIL Mounia
- Enseignant: CHERFI Safia
مقدمة
أموال السلطة الإدارية هي نفسها أموال الدولة، لأن الإدارة أو السلطة الإدارية لا تتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة، ولكنها تمثل الدولة في قيامها باختصاصاتها المختلفة، بما في ذلك إدارتها لأموالها وتصرفها فيها.
وللدولة كشخص معنوي عام ذمة مالية تحتوي على كمية كبيرة قد يصعب حصرها من الأموال العقارية والمنقولة، ومن أمثلة الأموال العقارية المملوكة للدولة الشوارع والطرق والساحات العمومية ومباني الوازارت والمصالح الحكومية، ومن أمثلة الأموال المنقولة للدولة نجد أثاث الم ارفق العامة وأدواتها المكتبية وكتب المكتبات العامة ونقود الدولة وأوراقها المالية المودعة بالبنوك .
وتنتزع الدولة من بعض الأموال المملوكة لها، نطاقاً معينا منها تضفي عليها حماية خاصة بالنظر
للتخصيص المعد لها، وتطلق عليها أموال الدومين العام »Domaine public « وتخضعها للقانون العام، بالمقابلة بينها وبين بقية الأموال المملوكة للدولة والمعروفة بالأموال الخاصة أو الدومين الخاص»Domaine privé«
ولقد ظهرت فكرة الأملاك الوطنية في فرنسا مع نهاية القرن 81 وصدور مرسوم 22/11/1790 المتضمن قانون الدومين الذي أقر بملكية الدولة لهذه الأموال غير القابلة للتصرف والتقادم.
غير أن التفرقة بين الدومين العام والدومين الخاص في إطار ممتلكات الدولة، لم تظهر إلا في أواخر القرن 19، والفضل في ذلك يعود للفقيه الفرنسي »برودون« عندما عرّف الدومين العام على أنه الأموال المخصصة لإستعمال الجميع من ضمن ما يعود للدولة من ممتلكات. إلاّ أن التمييز الرسمي بين النوعين ظهر بمناسبة سن فرنسا لقانون الملكية في الجزائر سنة 1851، حيث ميز هذا القانون بين الدومين العام ودومين الدولة، والذي حلت محله لاحقاً عبارة الدومين الخاص.
ولقد عرفت الجزائر منذ الإستقلال نصين إهتما بتنظيم الأملاك الوطنية، وهما :
- الأمر الصادر في 03 جوان 1984 في ظل الاشتراكية والذي تميز بمفهوم موسع للأملاك الوطنية
- قانون 09 / 03 المؤرخ في 1-21-1990 والذي ميز بين الأملاك الوطنية العامة والخاصة، كما عرف هذا الأخير تعديل بموجب القانون رقم 80/41 بتاريخ 02 جويلية 2008، يضاف إلى ذلك المراسيم التنفيذية التي صدرت لتنظيم هذا المجال.
وتجدر الإشارة إلى أن مجال الأملاك الوطنية منظم في الدستور والقانون المدني كذلك، باعتبار أن هذا الأخير ينظم حق الملكية بصفة عامة.
ولما كانت الأموال أو الأملاك التي تدخل دراستها في إطار القانون الإداري هي الأموال أو الأملاك العمومية، فإن هذه المحاضرات ستقتصر عليها، مع المقارنة عند اللزوم مع الأملاك الخاصة.
الفصل الأول : مفهوم الأملاك العمومية
يتسع ويضيق مفهوم الأملاك العمومية بحسب النهج الاقتصادي الذي تتبعه الدولة، فكلما ازداد تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي كلما اتسع مفهوم الأملاك العمومية، وذلك من خلال إنشائها لمؤسسات وهيئات عامة تعتبرها من أشخاص القانون العام، وتعتبر أملاكها أملاك عمومية، وما تصدره من قوانين تؤدي إلى توسيع الملكية العمومية على حساب الملكية الخاصة للأفراد، غير أنه ينحصر ويضيق مفهوم الأملاك العمومية في الدول التي تتبنى الاقتصاد الحر، حيث أن الاعتراف فيها يكون بالملكية الفردية.
ولكي نتعرف على الأموال العمومية لابد من د راسة المعيار الذي يميزها عن الأموال الخاصة، الذي يترتب عليه اكتسابها صفة العمومية من جهة، وطبيعة حق الدولة والأشخاص العامة الأخرى على المال العام من جهة أخرى.
المبحث 1 : المعيار المميز للأموال العمومية
سنعرض في هذا المبحث للمعايير الفقهية في إطار النظام الفرنسي باعتباره السبّاق للبحث في معيار يميز الأموال العمومية للدولة عن أموالها الخاصة، ثم نعرض بعد ذلك للمعيار المعتمد في القانون الجزائري.
المطلب 1 : معايير التمييز في إطار النظام القانوني الفرنسي
لو رجعنا إلى القانون المدني الفرنسي، لوجدناه يتناول الأموال العامة في المواد من538 إلى
541. فنصت المادة 538منه :»تعتبر أموالاً عامة الطرق والشوارع التي تتكلف بها الدولة، الأنهار...
وعموما كل أجزاء الإقليم الفرنسي غير القابلة للتملك الخاص «، في حين أن المواد الأخرى تكلم فيها المشرع الفرنسي عن أصناف معينة من الأملاك العمومية (الأملاك الشاغرة دون مالك، خنادق وأسوار الحصون والقلاع الحربية ،....).
فلبيان ماهية الأملاك العمومية، لم يكتف المشرع الفرنسي بتعداد بعض هذه الأملاك فحسب، بل تبنى معيار عدم القابلية للتملك الخاص أيضاً .
غير أن هذا المسلك لا يؤدي إلى التحديد الدقيق لهذه الأملاك، إذ مهما يكن تعدادها فلن يفلح بالإحاطة بها كلها. كما أن معيار عدم القابلية للتملك الخاص لا يعتبر ذا فائدة عملية لأن ما يستحيل أن يتملكه الخواص يحتاج في حد ذاته إلى معيار.
وانطلاقاً من هذه المواد وقصورها في تحديد الصفة العمومية للأملاك، وضع الفقه الفرنسي معايير تميز الأملاك العامة للدولة عن أملاكها الخاصة، فكان أولها معيار طبيعة المال، وتلاه معيار تخصيص المال لخدمة مرفق عام، وأخيًرًا معيار تخصيص المال للمنفعة العامة.
الفرع 1 : معيار طبيعة المال :
لقد ساد هذا المعيار في فرنسا في القرن 19،اذ يرتكز على طبيعة المال في حد ذاته لتمييزه عن المال الخاص.
بني هذا المعيار على أن الأساس في تحديد المال العام وتمييزه عن المال الخاص يتجسد في طبيعة المال ذاته، إذ يجب أن يكون غير قابل للملكية الخاصة، لكي يصبح مالاً عاماً بالطبيعة »Domanialité par nature«.
ويتزعم هذا الإتجاه الفقيه الفرنسي ديكروك»Ducro«والأستاذ بيرتلمي»Berthelemy«، فيرى هذين الفقيهين أن الأموال العامة يميزها أنها تختلف بطبيعتها عن الأموال الخاصة، فالعقا ارت لكي تعد من الأموال العامة، يجب أن تكون مما لا تقبل الملكية الخاصة بطبيعتها.
ولقد استند "ديكروك" على نصوص القانون المدني الفرنسي، وخاصة المادة 538 واستنتج منها وجوب كون المال غير قابل للملكية الخاصة بطبيعته لكي يعتبر مالاً عاماً، كما استخلص من النص السابق أنه يشترط أن يكون المال العام عقاراً وليس منقولاً، وبناءً على ذلك أخرج المنقولات من عداد الأموال العامة.
أما الأستاذ "بيرتلمي"فيرى أن الأموال العامة تختلف بطبيعتها ومن حيث الواقع عن الأموال الخاصة اختلافاً يستوجب استقلالها بأحكام قانونية خاصة بها، وذلك لأن هذه الأموال لا يمكن تملكها أو التصرف فيها من جانب الأفراد، ولهذا فإنها لا تخضع لقواعد القانون الخاص.
وقد قصر "بيرتلمي" صيغة المال العامة على الأموال التي تكون مخصصة لإستعمال الجمهور ،لأنها هي التي تختلف عن المال الخاص، لذلك استبعد من عداد الأموال العامة المباني، إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، كما استبعد المنقولات من نطاق الأموال العامة مثل "ديكروك" .
غير أن هذا المعيار انتقد لتضييقه من نطاق الأموال العامة، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن عدم قابلية المال للتملك لا يرجع إلى طبيعته الخاصة، وٕإنما هو نتيجة لإضفاء الصفة العمومية عليه .
وبذلك، فإن جميع الأموال تقريباً، يمكن تملكها من جانب الأفراد ملكية خاصة حتى الطرق والموانئ والشوارع، ولا يمنع الأفراد من ذلك إلا عندما يضفى عليها صفة المال العام.
وأخيرًا، فإن أصحاب هذا الاتجاه حملوا نصوص القانون المدني أكثر مما تتحمل، واستندوا إليها في تأصيل هذا المعيار، لأن هذه النصوص تحدثت عن الدومين المملوك للدولة دون تمييز.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك جانب من الفقه يطلق على هذا المعيار تسمية "معيار التخصيص لإستعمال الجمهور"، إذ أن الأموال المملوكة للدولة أو لأحد أشخاص القانون العام تعتبر أموالاً عامة إذا كانت مخصصة لاستعمال الجمهور مباشرًةً، وبالتالي غير قابلة للتملك، أي يرى أن طبيعة المال (غير قابل للتملك) هي نتيجة حتمية لتخصيص المال لاستعمال الجمهور مباشرًةً.
. الفرع 2 : معيار تخصيص المال للمرفق العام
يربط أصحاب هذا المعيار بين المال العام والمرفق العام، ويقررون أن المال العام يكتسب هذه الصفة إذا كان مخصصاً مباشرًةً لخدمة مرفق عام، ووسيلة لإدارته. ويتزعم هذا الاتجاه فقهاء مدرسة المرفق العام بزعامة "ديجي" ومعه "جيز" و"بونار".
غير أن الفقه انتقد هذا المعيار على أنه ضيق من ناحية ووسع من ناحية أخرى، إذ أن المعيار يخرج الكثير من الأموال المخصصة للاستعمال المباشر للجمهور طالما أنها غير موضوعة لخدمة أحد المرافق العامة، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، يوسع هذا المعيار من نطاق مفهوم المال العام، إذ يدخل فيه جميع الأموال المخصصة لخدمة الم ارفق العامة على اختلاف أنواعها، سواءً كانت هامة أو تافهة وثانوية كأدوات المكاتب والأقلام والأوارق.
وفي محاولة لتدعيم وتصويب هذا المعيار، وذلك بتجنب الانتقادات الموجهة له، اشترط "جيز" شرطين إضافيين حتى يعتبر المال المخصص للمرفق العام مالاً عاماً، وهما أن يكون المرفق مرفقاً عاماً جوهرياً، وأن يكون للمال المخصص لهذا المرفق الدور الرئيسي في سير المرفق وٕ إدارته.
وبناءً على ذلك استبعد "جيز" المنقولات المستخدمة في المرافق العامة من نطاق الأموال العامة ،كما استبعد المباني الحكومية من مجال الأموال العامة رغم تخصيصها للم ارفق العامة، وبذلك لا تعتبر دور القضاء ولا مباني المدارس والثكنات العسكرية أموالاً عامة.
ولم تنجح محاولة "جيز" في تغطية ما واجه المعيار من انتقادات، بل فتحت عليه أبواب جديدة للانتقاد، إذ أن الشرطين اللذين أضافهما تنقصهما الدقة والوضوح، لأنه لم يبين متى يعتبر المرفق العام جوهرياً ومتى لا يعتبر كذلك، ولم يوضح الحالات التي يعتبر فيها المال المخصص للمرفق العام قائم بالدور الرئيسي في إدارته، والحالات التي يعتبر فيها كذلك، كما أن إخراج المباني الحكومية من نطاق الأموال العمومية يجرد هذه الأموال المخصصة للمرافق العامة من الحماية القانونية المقررة للمال العام.
الفرع 3 : معيار تخصيص المال للمنفعة العامة
لتفادى الانتقادات الموجهة للمعيارين السابقين ،اتجه ال أري ال ارجع في الفقه والقضاء الفرنسي إلى الأخذ بمعيار مزدوج قوامه، التخصيص لاستعمال الجمهور والتخصيص للم ارفق العامة، وبذلك تكون الأموال العامة هي الأموال المخصصة للاستعمال المباشر للجمهور، بالإضافة إلى الأموال المخصصة لخدمة الم ارفق العامة، أي أنها الأموال المخصصة للمنفعة العامة بصفة عامة.
ونظراً لما يترتب على الأخذ بهذا المعيار من توسيع لنطاق المال العام، فقد حاول جانب من الفقه المؤيد لهذا المعيار وضع بعض الضوابط لتحديده، فاشترط العميد» موريس هوريو« أن يكون تخصيص المال العام للمنفعة العامة بقرار من الإدارة.
غير أنه أخذ على هذا الرأي أنه يعطي الإدارة سلطة تقديرية واسعة بشأن إلحاق صفة العمومية على المال العام. كما أن قرار الإدارة في هذا الصدد لا يعتبر خاصية من الخصائص التي تستوجب اعتبار المال عاماً، وٕ إنما هو وسيلة من جانب الإدارة لإضفاء الصفة العمومية على المال.
ولهذا، ذهب » مارسيل فالين« إلى أن المال الذي يستوجب اعتباره عاماً يجب أن يكون ضرورياً ولازماً لتسيير المرفق العام وأدائه لرسالته في تحقيق المصلحة العامة، بحيث لا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله بغيره، وٕإلا تعرض سير المرفق العام للاضطراب، والصالح العام للخطر.
المطلب 2 : معايير التمييز المعتمدة في القانون الجزائري
لدراسة معايير تمييز الأملاك العمومية للدولة عن أملاكها الخاصة في القانون الجزائري، لابد من الرجوع إلى أهم النصوص القانونية التي تنظم موضوع الملكية العامة، بدءاً بالدستور ثم القانون المدني ،وصولاً إلى قانون الأملاك الوطنية 09 – 03 المعدل و المتمم.
الفرع 1 : تعريف الأملاك العمومية في الدستور والقانون المدني
بالرجوع إلى المادة 81 من الدستور الجزائري لسنة 1989 المعدل سنة 2020 نجدها تنص :
"الملكية العامة هي ملك المجموعة الوطنية.
وتشمل باطن الأرض، والمناجم، والمقاطع، والموارد الطبيعية للطاقة، والثروات المعدنية الطبيعية والحية..."، في حين تنص المادة عشرون من الدستور نفسه : " الأملاك الوطنية يحددها القانون.
وتتكون من الأملاك العمومية والخاصة التي تملكها الدولة، والولاية، والبلدية.
يتم تسيير الأملاك الوطنية طبقاً للقانون"، فمن خلال هاذين النصين يلاحظ مايلي :
- الملكية العامة هي ملكية جماعية أي ملك للشعب عامة.
- تمثل الملكية العامة ملكية مجموعة هامة من الأموال والنشاطات.
تتكون الملكية العامة، والتي سمتها المادة 02 المذكو رة" بالأملاك الوطنية"، من الأملاك العمومية والخاصة التي تملكها الدولة وجماعاتها الإقليمية، وفي هذا تبني للتقسيم المزدوج للأملاك الوطنية.
- تحديد وتسيير الأملاك الوطنية سواءً العمومية أو الخاصة يتم بموجب قانون، فهذا من المجالات التي يشرع فيها البرلمان.
و بالرجوع الى القانون المدني، نظم المشرع الملكية العامة أساسا في المادة 688 والتي تنص : » تعتبر أموالا للدولة العقا ارت والمنقولات التي تخصص بالفعل أو بمقتضى نص قانوني لمصلحة عامة، أو لإدارة، أو لمؤسسة عمومية أو لهيئة لها طابع إداري، أو لمؤسسة اشتراكية، أو لوحدة مسيرة ذاتياً أو لتعاونية داخلة في نطاق الثورة الزارعية .«
الملاحظ هنا أن النص الرسمي باللغة العربية يستعمل مصطلح التخصيص » لمصلحة عامة «، في حين أن النص الأصلي باللغة الفرنسية استعمل مصطلح التخصيص » لاستعمال عام أو جماعي « (un usage collectif) لذلك يجب تصحيح النص الرسمي العربي باستعمال عبارة »لاستعمال جماعي «، أو » لاستعمال عام «، بدل »لمصلحة عامة«، ذلك أن هذا المصطلح الأخير يشكل معيار واسع يندرج فيه التخصيص لاستعمال عام والتخصيص لإدارة أو لمؤسسة عامة.
وعليه، فإن هذه المادة تتكلم عن أموال الدولة دون تمييز بين الأملاك العمومية والأملاك الخاصة، من جهة، ومن جهة أخرى فإن أموال الدولة هي مجموعة العقارات والمنقولات المخصصة فعلياً أو بموجب نص قانوني للمصلحة العامة (لاستعمال عام)، أو مخصصة لإدارة أو لمؤسسة عمومية أو لهيئة ذات طابع إداري...، أي المال أو الملك المخصص للمصلحة العامة، أو المخصص لهيئة معينة محددة في نص المادة المذكورة، وكأننا في إطار المعيار المزدوج في تعريف الأملاك العمومية، حيث من جهة المال العام هو المخصص لاستعمال الجمهور (استعمال عام)، أو المخصص لمرفق عام (لإدارة أو لمؤسسة عمومية...).
الفرع 2 : تعريف الأملاك العمومية في قانون الأملاك الوطنية
بالرجوع إلى قانون الأملاك الوطنية لسنة 1990 المعدل سنة 2008، يلاحظ أن المادة 2 منه تنص : »تشمل الأملاك الوطنية على مجموع الأملاك والحقوق المنقولة والعقارية التي تحوزها الدولة وجماعاتها الإقليمية في شكل ملكية عمومية أو خاصة، وتتكون هذه الأملاك الوطنية من :
- الأملاك العمومية والخاصة التابعة للدولة.
- الأملاك العمومية والخاصة التابعة للولاية.
- الأملاك العمومية والخاصة التابعة للبلدية.« .
في حقيقة الأمر يلاحظ أن هذه المادة تعتبر تفصيلاً للمادة عشرون الفقرة 2من الدستور المعدل سنة
2016 ، حيث عرفت الأملاك الوطنية بمشتملاتها، فهي مجموع الأملاك والحقوق المنقولة والعقارية التي تحوزها الدولة وجماعاتها الإقليمية في شكل ملكية عمومية أو خاصة، وفي هذا تأكيد على التقسيم المزدوج للأملاك الوطنية الذي تبناه الدستور.
في حين، وبالرجوع إلى المادة 3 من قانون الأملاك الوطنية نجدها تنص :»تطبيقاً للمادة 12 من هذا القانون، تمثل الأملاك الوطنية العمومية الأملاك المنصوص عليها في المادة 2 أعلاه والتي لا يمكن أن تكون محل ملكية خاصة بحكم طبيعتها أو غرضها.
أما الأملاك الوطنية الأخرى غير المصنفة ضمن الأملاك العمومية والتي تؤدي وظيفة إمتلاكية ومالية فتمثل الأملاك الوطنية الخاصة «.
انطلاقا من الفقرة الأولى من هذه المادة، يلاحظ أن المشرع عرّف الأملاك الوطنية العمومية بأنها مجموع الأملاك والحقوق المنقولة والعقارية التي تحوزها الدولة والولاية والبلدية في شكل ملكية عمومية ،والتي لا يمكن أن تكون محل ملكية خاصة بحكم طبيعتها أو غرضها ،أي أن المشرع تبنى معيار طبيعة المال كونه غير قابل للتمليك الخاص سواءً بحكم طبيعته أو غرضه، وهو المعيار نفسه، تقريباً، المستعمل في المادة538 من القانون المدني الفرنسي، غير أن المادة 3/1المذكورة تشمل العقارات والمنقولات.
أما بالرجوع إلى الفقرة 2 من المادة 3 المذكورة، يلاحظ أن المشرع عرّف الأملاك الوطنية الخاصة بالسلب، فهي غير المصنفة ضمن الأملاك العمومية والتي يمكن تملكها من قبل الخواص، ويظهر ذلك باستعمال عبارة » والتي تؤدي وظيفة إمتلاكية ومالية « .
وعليه، انطلاقاً من المادة 3 من قانون الأملاك الوطنية، يمكن القول أن المشرع قد أخذ بمعيار طبيعة المال في التمييز بين الأملاك الوطنية العمومية والأملاك الوطنية الخاصة، غير أنّه لم يستثني المنقولات كما فعل أصحاب هذا المعيار.
غير أنه، بالرجوع إلى المادة 21 المعدلة من قانون الأملاك الوطنية، نجدها تنص : »تتكون الأملاك
........القانون «.
يلاحظ من خلال نص المادة 12 أن المشرع أخذ بالمعيار المزدوج في تعريف الأملاك الوطنية العمومية، حيث تعتبر أملاك عمومية تلك الأملاك المنقولة والعقارية والحقوق، المخصصة لاستعمال الجمهور مباشرًةً أو عن طريق مرفق عام أي أخذ بمعيار تخصيص المال للمنفعة العامة.
غير أن المادة 21 استعملت صيغة تجعل الأموال المخصصة لمرفق الدفاع، لا تدخل في الأموال العامة، لأن الجمهور لا يستعملها بواسطة هذا المرفق، بل ويمنع عليه ارتياد الثكنات واستعمال أموالها. في حين أن هذا الأمر غير مقبول إطلاقاً، لذلك يجب أن تصاغ المادة 21 كما يلي :» تتكون الأملاك الوطنية العمومية من الحقوق والأملاك المنقولة والعقارية الموضوعة تحت التصرف المباشر للجمهور اوالمخصصة لمرفق عام ......«، فبهذه الصياغة هناك أموال مخصصة لاستعمال الجمهور، وهناك أموال مخصصة للمرافق العامة ومنها مرفق الدفاع الذي لا يستعمل الجمهور أمواله بأية طريقة كانت.
كما يلاحظ أن المادة 12 المذكورة، تشترط في الأموال المخصصة لمرفق عام أن تكون مطابقة بطبيعتها أو بتهيئة خاصة مع هدف المرفق. غير أن التهيئة الخاصة لا تلازم فقط الأموال المخصصة للمرافق العامة، بل تعتبر ضرورية حتى بالنسبة للأموال الموضوعة تحت التصرف المباشر للجمهور، ولو أخذنا على سبيل المثال حديقة عامة، فهي مخصصة لاستعمال الجمهور، لكنها لا تعد كذلك دون تهيئة خاصة.
كما يلاحظ أخيًراً على المادة 21 المذكورة، أنها في الفقرة الأخيرة منها تدخل في الأملاك العمومية الثروات والموارد الطبيعية المنصوص عليها في المادة 51 من قانون الأملاك الوطنية، أي أن المشرع لم يكتف بوضع معيار للتمييز بين الأملاك الوطنية العمومية والخاصة، بل راح يؤكد على الخصوص، بأن الثروات والموارد الطبيعية هي أملاك وطنية عمومية، وهذا تحديد تشريعي لا يحتاج إلى تطبيق المعيار المذكور في المادة 12.
وفي الأخير، نستنتج بالجمع بين المادتين 3 و 21 من قانون الأملاك الوطنية، أن المشرع أخذ من جهة بمعيار طبيعة المال، ومن جهة أخرى، بالمعيار المزدوج وهو تخصيص المال للاستعمال المباشر للجمهور وكذا تخصيصه للمرافق العامة، فإن لم يسمح لنا معيار بإضفاء الصفة العمومية على المال نرجع للمعيار الآخر، وٕإلا كان المال مالاً وطنيا خاصاً.
المبحث 2 : طبيعة حق الدولة والأشخاص العامة على الأموال العمومية
لم يختلف الفقه حول حق الدولة والأشخاص العامة الأخرى على أموالها الخاصة، إذ لا يختلف ذلك الحق عن حق ملكية الأفراد لأموالهم، التي يحكمها القانون الخاص. ولكن الخلاف ثار حول طبيعة هذا الحق بالنسبة للأموال العامة.
لقد أنكر معظم الفقه في بداية الأمر أن للدولة والأشخاص العامة الأخرى على أموالها العامة حق ملكية. ويذهب الفقه المعاصر إلى الإقرار بحق الملكية للدولة والأشخاص العامة على الأموال العامة ،ولكن هذا الفقه انقسم على نفسه في تكييف هذا الحق .
المطلب 1 : إنكار ملكية الدولة لأموال العمومية
ساد هذا الإتجاه خلال القرن 91 وأوائل القرن 20، ويمكن تقسيم فقهاء هذا الإتجاه إلى فريقين ،فريق أنكر ملكية الدولة استناداً إلى أحكام القانون المدني، وفريق ارتكز على إنكار الشخصية القانونية للدولة وحقها في اكتساب الحقوق.
الفرع 1 :إنكار ملكية الأموال العمومية استناداً للقانون المدني
ذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى أنه إذا كان حق الملكية في القانون المدني يعني اختصاص مالك الشيء به، اختصاصا يمنع الغير من الانتفاع به، لأن هذا الانتفاع مقصور على شخص مالكه، فإنه ليس للدولة حق الملكية على الأموال العامة.
ويعتبر الفقيه »برودون« رائد هذا الإتجاه، حيث يرى بأن المال العام ليس من الإمكان تملكه بأي وسيلة نظرًا لعدم توافر عناصر الملكية الثلاث بالنسبة له، وهي التصرف والاستعمال والاستغلال، إذ لا يمكن التصرف في المال العام، كما أن الاستعمال والاستغلال مقررين للأفراد لا للشخص العام، وعلى هذا ينكر هذا الاتجاه حق الملكية على الأموال العامة ويقتصر حق الشخص العام على هذه الأموال على الإشراف والرقابة.
وفي حقيقة الأمر، هذا الاتجاه لفقهاء القانون الخاص في فرنسا، ولقد اعتنقه العديد من الفقهاء الفرنسيين كالأستاذ ديكروك والأستاذ بيرتلمي.
الفرع 2 : إنكار ملكية الأموال العمومية استناداً لإنكار الشخصية القانونية للدولة
لقد أسس فقهاء القانون العام إنكار ملكية الدولة للأموال العمومية إستنادا لرفضهم وٕإنكارهم لفكرة الشخصية المعنوية للدولة، مع العلم أنه من نتائج هذه الشخصية المعنوية التمتع بذمة مالية مستقلة، وٕإذا رفضنا هذه الشخصية فلا تكون للشخص العام ذمة مالية، وبالتالي فلا يملك المال العام ولا المال الخاص على حد تعبير ديجي والذي تزعم هذا الإتجاه، رفقة الفقيهين » جيز«و »بونار«.
إذ يرى العميد »بونار« أن الفقه قد خلط بين العناصر المادية للدولة، وهي الشعب والإقليم والسلطة السياسية، والعناصر القانونية المجردة، ويرى تبعاً لذلك أنه لا توجد ضرورة تحتم الأخذ بفكرة الشخصية القانونية بصفة عامة.
رغم اختلاف هذا الإتجاه عن الإتجاه الأول في الأساس المرتكز عليه لإنكار ملكية الدولة للأموال العمومية، إلا أنهما ينتهيان إلى النتيجة نفسها، وهي أن حق الدولة والأشخاص العامة على الأموال العامة هو حق إش ارف ورقابة.
المطلب 2 : الاعتراف بملكية الدولة للأموال العمومية
يتجه الففه والقضاء المعاصريين إلى الإقرار بحق الدولة والأشخاص العامة الأخرى في ملكية الأموال العامة ، وليس مجرد حق الإشراف والرقابة والحفظ لهذه الأموال.
الفرع 1 : تكييف حق ملكية الدولة
إن هذا الاعتراف السائد فقهاً وقضاءً، يرتكز على أن حق ملكية الدولة للأموال العمومية هو حق ملكية عادية مقيد بفكرة تخصيص المال العام للنفع العام، في حين سبق هذا ال رأي رايٌ آخر يرتكز على فكرة حق الملكية الإدارية.
الفقرة 1 : الإعتراف استناداً لحق الملكية الإدارية
يرى أصحاب هذا الاتجاه أن حق الدولة على الأملاك العامة هو حق ملكية إدارية، فبعدما رفضوا الآراء التي ذهبت إلى أن حق الشخص العام على الدومين العام هو حق إشراف ورقابة، ذهبوا إلى القول بأن حق الدولة على الأموال العامة أقوى من ذلك بكثير، فهو حق ملكية ولكنه من نوع خاص يسميه الفقيه »هوريو« : حق ملكية إدارية ( ( une propriété administrative. وهذا الحق ليس كالملكية الخاصة التي ينظمها القانون المدني بالنسبة للأفراد، ولكنها ملكية يضع حدودها القانون الإداري مراعياً في ذلك خصائص المال العام. ومؤدى هذا الرأي أن فكرة الملكية وٕ إن كانت منقولة أساساً من القانون الخاص، إلا أن مدلولها قد تطور وتحور إلى حد كبير كسائر الأفكار المنقولة من القانون المدني، فهذه الأموال العامة بالرغم من أنها مملوكة للشخص العام، إلا أنها لا تقبل مثلاً البيع، كما لا تقبل تحمل أي حق عيني عليها، وذلك خلافاً للملكية الخاصة.
وعند التأمل في هذا الرأي نجده يفقد أصالته الظاهرية، لأن أنصاره ينتهون إلى القول بأن الملكية التي يتمتع بها الشخص العام على أمواله،إنما يجب أن تستبعد من نتائجها كل ما يتعارض مع فكرة التخصيص.
الفقرة 2 : الاعتراف استناداً لفكرة التخصيص للنفع العام
إن هذا الإتجاه هو السائد فقهاً وقضاءً، ويتركز على أن حق الشخص العام على الأملاك العامة هو حق ملكية عادية، غير أنه مقيد بفكرة تخصيص المال للنفع العام، فالإدارة لها على أموال الدومين العام حق ملكية لا يختلف في جوهره عن حق الملكية الخاص، ولكن الخلاف ينحصر في نطاق هذا الحق ومضمونه، فأحياناً يكون هذا الحق أضيق من حقوق الأف ارد، كما هو الحال بالنسبة لمنع الشخص الإداري من التصرف في المال العام تصرفاً من التصرفات المدنية مادام تخصيص المال للمنفعة العامة قائماً، وأحياناً يكون نطاق هذا الحق أوسع، كما هو الحال في حماية هذا المال العام بالتشريعات الجنائية وتشديد العقوبة على من يرتكب إحدى جرائم الأموال العامة .
الفقرة 3 : التكييف القانوني لحق ملكية الدولة
لقد بحث في هذه المسألة الأستاذ الجزائري » يحياوي أعمر«، والذي وجه انتقادات للاتجاهات السابقة في تكييف حق الدولة على المال العام، وذلك في كتابه » نظرية المال العام «، وحاول تكييف حق الدولة استناداً إلى أحكام الدستور والقانون المدني، وسنعرض أريه في ما يلي :
((تنص المادة (71 ف1) من الدستور على أن» الملكية العامة هي ملك المجموعة الوطنية...«.
وتقضي المادة (692 ف2) من القانون المدني الجزائري بأن : (وتعتبر جميع موارد المياه ملكا للجماعة الوطنية).
يستفاد من هذين النصين أن الأموال العامة ترجع ملكيتها إلى كل أفراد الرعية الذين يستعملونها مباشرة أو بواسطة مرفق عام، فهم حين يتصرفون فيها، إنما يمارسون حرية عامة غير مقيدة سوى بالقيود التي يفرضها القانون والتي تستهدف أساسا حمايتها وضمان حرية الآخرين في استعمالها.
لكن هناك من سلطات ما يتعذر على الجمهور القيام بها في إطار تسيير وٕ إدارة الأموال العامة ،لذلك لابد من هيكل منظم يتولى هذه السلطات حتى تؤتي هذه الأموال منافعها لصالح الرعية، وهنا تبرز الأشخاص العامة للقيام بهذه المهام.
بناءً على ذلك، فإن التكييف القانوني الذي يمكن اعتباره الأمثل، هو أن نعتبر الأشخاص العامة وكلاء عن الرعية في تسيير وإدارة الأموال العامة. لكن ما مدى انطباق الوكالة على الأموال العامة ؟
الوكالة هي تفويض الغير للقيام بعمل ما لحساب المفوض أو الموكّل. وٕإذا حاولنا تطبيق ذلك على الأموال العامة، فسنجد الموكّل هنا هو الجماعة الوطنية التي تملك هذه الأموال، والوكلاء هم الأشخاص العامة، أما العمل محل الوكالة، فهو تسيير وٕإدارة الأموال العامة، والصيغة التي تمت بها الوكالة هي قانون الأملاك الوطنية الذي يحكم الأموال العامة، والذي وافقت عليه الرعية بواسطة ممثليها المنتخبين في المجلس التشريعي.
وهناك نوعان من الوكالة : وكالة خاصة تخول الوكيل القيام بعمل ما دون غيره، ووكالة عامة تنصب على جميع أعمال الإدارة دون التصرف.
إن الوكالة المنطبقة على الأموال العامة هي الوكالة العامة، لأن قانون الأملاك الوطنية حظر على الأشخاص العامة القيام بأعمال التصرف التي تمس الأموال العامة ومكنها من القيام بأعمال تسيير وٕإدارة هذه الأموال فقط...
وهكذا فالوكالة العامة تفسر قاعدة منع التصرف، أما الملكية التي أقرها الفقه الحديث، فتتعارض تعارضاً صارخاً مع قيد حظر التصرف )).
الفرع 2 : حجج الاعتراف بملكية الدولة للأموال العمومية
لقد دعم الفقه المعترف للدولة بحق الملكية على الأموال العمومية، موقفه بعدة حجج، نذكر منها :
1‑إذا كان التصرف في الأموال العامة ممنوعاً على الأشخاص العامة، فذلك تستدعيه المصلحة العامة التي من أجلها تم تخصيص هذه الأموال، ولا يتعارض هذا القيد مع فكرة الملكية، لأن الملكية الفردية كذلك ترد عليها قيود كثيرة تستهدف وضع حدود لتعسف المالك، أو تمنعه من التصرف كما في حالة الشرط المانع من التصرف، أو تحد من انتفاعه بملكيته بموجب حقوق الإرتفاق المقررة لصالح الغير.
2‑ يرى الفقه الحديث أن عناصر الملكية الثلاثة، الإستعمال، الاستغلال والتصرف متوافرة بالنسبة لسلطة الدولة على الأموال العامة، إذ تمارس الدولة بالفعل حق الاستعمال على المال العام، ويكون مقصوراً
عليها في بعض الأحيان، كما هو الحال بالنسبة للثكنات العسكرية، وقد يكون للأف ارد استعماله كما هو الشأن بالنسبة للأموال المخصصة للم ارفق العامة، وكل هذا ليس فيه تعارض مع حق الملكية، إذ أن للأفراد الملاك حق ترك الآخرين يستعملون هذا المال.
كما أن حق الإستغلال، وٕإن كان ليس هدفاً أساسياً بالنسبة للمال العام، إلا أن هذا الأخير قابل لهذا الإستغلال، وهناك من الأموال العامة ما يدر بالفعل ثمارا مدنية .
وأخيًرا، فإن منع التصرف في المال العام يرجع – كما قلنا سابقا – إلى تخصيصه للمنفعة العامة ،ومن الجائز التصرف فيه بعد زوال هذا التخصيص، وهذا يؤكد أن حق الدولة والأشخاص العامة على الأموال العامة هو حق ملكية.
3‑من المبادئ المسلم بها أن المال الذي لا مالك له مال مباح، ولا يستطيع أحد أن يقول بأن المال العام مال مباح، لأن القول بذلك يؤدي إلى نتائج عكسية لما يتوخاه المشرع من إسباغ حمايته على الأموال العامة.
4-حين يستعمل الجمهور المال العام فكأن الشخص العام هو الذي يستعمله، لأن الدولة والجماعات المحلية ما هي إلا ممثلة للرعية.
الفرع 3: نتائج ثبوت حق ملكية المال العام
في حقيقة الأمر، لا توجد فائدة مطلقة من إنكار حق الدولة والأشخاص المعنوية العامة الأخرى في ملكية المال العام، بل على العكس من ذلك تماماً، فإن القول بملكية هذا المال للشخص العام له أهمية كبرى، كما يترتب عليه نتائج عملية هامة، وتتمثل فيما يلي :
1- حل الكثير من المسائل التي يثيرها نظام الدومين العام والتي لا تكفي فكرة التخصيص وحدها لحلها ،مثال ذلك معرفة الشخص المكلف بصيانة أموال الدومين العام، وكذا الشخص المسؤول عن الأضرار الناتجة عن استخدامها، ففكرة الملكية تفيد في مثل هذه الحالات، لأن مالك هذا المال، وهو الشخص المعنوي العام، يلتزم بصيانة هذا المال، كما أنه يلتزم بتعويض الأضرار التي قد تلحق الأفراد جرّاء الإهمال في صيانة المال العام.
2 ‑يلتزم الشخص العام بصيانة المال العام والحفاظ عليه، كما يكون له الحق في حمايته وذلك عن طريق رفع دعوى الاستحقاق، وكذلك دعاوى الحيازة أو وضع اليد، وحق المطالبة بالتعويض ممن اعتدى على المال العام وأصابه بأضرار.
3‑إن فكرة الملكية تتفق مع الاتجاهات الحديثة في موضوع الأموال العامة، لأن هذه الاتجاهات ترمي إلى الانتفاع الاقتصادي بهذه الأموال باعتبارها ثروات جماعية، وعلى ذلك، فإن الشخص الإداري يملك الثمار التي ينتجها المال العام إذا كان مثمرًا، كما يدخل في ذمته ثمن المال العام ببيعه إذا ألغي تخصيصه للنفع العام .
المبحث 3 : تقسيمات أو مشتملات الأملاك العمومية
هناك عدة تقسيمات للأملاك الوطنية العمومية، فيمكن تقسيمها بالنظر إلى طبيعة الأملاك، فنجد أملاك عقارية وأملاك منقولة، كما يمكن تقسيمها بالنظر إلى طبيعة التخصيص، فنجد أملاك مخصصة لاستعمال الجمهور وأملاك مخصصة للم ارفق العامة. كما يمكن تقسيمها بالنظر إلى الأشخاص العمومية التي تملكها فنجد الأملاك العمومية التي تملكها الدولة والتي تملكها جماعاتها الإقليمية.
غير أن التقسيم التقليدي للأملاك الوطنية العمومية يرتكز على مشتملاتها فنجد الأملاك العمومية الطبيعية والأملاك العمومية الاصطناعية، فيقصد بالأولى أن وجود وحالة بعض الأملاك ناتجة عن الظواهر الطبيعية (جغرافية وفيزيائية )، بينما الثانية فتنتج عن طريق تدخل الإنسان.
فإذا كان المال طبيعياً دخل ضمن الأموال العمومية متى توفرت فيه الشروط المطلوبة منذ لحظة اكتساب ملكيته. أما إذا كان اصطناعيا فلا يدخل في الأملاك العمومية بمجرد اكتساب ملكيته، بل ينبغي تخصيصه لاستعمال الكافة (الجمهور) أو للخدمة العامة بمقتضى تصرف أو عمل قانوني يقرر هذا التخصيص صراحةً أو ضمناً، ويجب فضلاً عن ذلك أن يتم التخصيص بالفعل وٕإلا كان التصرف أو العمل القانوني باطلاً .
بالرجوع إلى المادة 02 من الدستور الجزائري نجدها تقسم الأملاك الوطنية بحسب الهيئات أو الأشخاص المالكة، فنجد الأملاك العمومية والخاصة التي تعود للدولة والتي تعود للولاية والتي تعود للبلدية.
غير أنه عندما قسم المشرع الأملاك الوطنية العمومية، أخذ بالتقسيم التقليدي، أملاك عمومية طبيعية وأملاك عمومية اصطناعية، ويظهر ذلك من خلال المادة 41 من قانون الأملاك الوطنية.
المطلب 1 : الأملاك العمومية الطبيعية :
بالرجوع إلى المادة 51 من قانون الأملاك الوطنية نجدها تنص : »تشمل الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية خصوصاً على ما يأتي :
- شواطئ البحر ،
- قعر البحر الإقليمي وباطنه ،....الخ
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشرع لم يحدد مشتملات الأملاك العمومية الطبيعية على سبيل الحصر، وٕإنما أعطى مجموعة من هذه الأملاك والتي تعتبر طبيعية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يلاحظ أن المشرع هو الذي أعطى الوصف للأملاك المذكورة في المادة 51 السابقة بأنها أملاك عمومية طبيعية، أي الوصف التشريعي ولا يحتاج الأمر إلى قرار من الإدارة لإعتبارها كذلك أو غير ذلك.
ومن خلال المادة 15 المذكورة يلاحظ أنها تضمنت الأقسام التالية :
الفرع 1 : الأملا ك العمومية البحرية
الدومين العام البحري يرجع في كامله إلى الدولة، وهو يتكون من شواطئ البحر، وقعر البحر وباطنه والمياه البحرية الداخلية، وطرح البحر ومحاسر، ويقصد بطرح البحر الفضاءات التي ت ارجعت عنها البحار بصفة نهائية والتي لم تعد تغطي الجزء الأكبر العائم، في حين أن المحاسر هي الأراضي المتقطعة بفعل عمل البحر بتراجعه ولم تعد مغطاة بالمياه.
ولقد عرفت الأملاك الوطنية العمومية البحرية عدة تطوارت وتوسع كما عرفت تطوراً في تنظيمها .
الفرع 2 : الأملاك العمومية النهرية
وتتكون من مجاري المياه ورقاق المجاري الجافة، والجزر التي تتكون داخل رقاق المجاري والبحيرات والمساحات المائية الأخرى أو المجالات الموجودة ضمن حدودها كما يعرفها قانون المياه.
وبالرجوع إلى قانون المياه رقم 50/12، يلاحظ أن المادة 4 منه تتكلم عن الأملاك العمومية الطبيعية للمياه، حيث تتكون هذه الأخيرة من :
- المياه الجوفية بما في ذلك المياه المعترف بها كمياه المنبع والمياه المعدنية الطبيعية ومياه الحمامات بمجرد التأكد من وجودها أو اكتشافها، خاصة بعد الانتهاء من أشغال الحفر أو التنقيب الإستكشافية مهما كانت طبيعتها، المنجزة من طرف كل شخص طبيعي كان أو معنوي، خاضع سواءً للقانون العام أو الخاص.
- المياه السطحية المشكلة من الوديان والبحيرات والبرك والسبخات والشطوط وكذا الأراضي والنباتات الموجودة في حدودها......
من هنا يلاحظ أن المشرع، في قانون الأملاك الوطنية، لم يحدد كل أنواع الأملاك العمومية الطبيعية، وٕإنما أعطى أمثلة عنها، والباقي يحدد في مختلف النصوص القانونية ذات الشأن، ومن بينها قانون المياه كما أرينا.
ويمكن القول، بالنسبة للدومين العام النهري، أن ملكيته تعود للدولة، كما أنه عرف نفس التطور الذي عرفه الدومين العام البحري.
الفرع 3 : الد ومين العام الجوي والثروات الطبيعية
بالنسبة للدومين الجوي فقد اختلف ال أري حول الفضاء الجوي الخاضع لسيادة الدولة فذهب أري إلى القول بأنه مال لا مالك له، ولكن هذا ال أري مرجوح لأن الرأي الراجح هو الذي يرى أن الفضاء الجوي يدخل في الدومين العام ويخضع لسيادة الدولة المطلقة.
ومهما كان أمر هذا الخلاف، فإن المشرع الجزائري في المادة 15 من قانون الأملاك الوطنية إعتبر المجال الجوي الإقليمي ملكا عاما طبيعيا.
أما بالنسبة للثروات الطبيعية، فقد حددها المشرع في المادة 51 المذكورة، وهي تشمل الث روات والموارد الطبيعية السطحية والجوفية المتمثلة في الموارد المائية باختلاف أنواعها، والمحروقات السائلة منها والغازية والثروات المعدنية الطاقوية والحديدية، والمعادن الأخرى أو المنتوجات المستخرجة من المناجم والمحاجر والثروات البحرية، وكذا الثروات الغابية ال واقعة في كامل المجالات البحرية من الت ارب الوطني في سطحه أو جوفه و/أو الجرف القاري والمناطق البحرية الخاضعة للسيادة الجزائرية أو لسلطتها القضائية، نذكر على سبيل المثال في الثروات البحرية المرجان المستخرج من البحر فهو يعتبر ملك عمومي طبيعي.
وتجدر الإشارة أن صاحب الأرض التي يكتشف بها أحد المناجم ليس له أي حق عليها وكل ماله عندئذٍ هو المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تنتج لسطح الأرض أو من حرمانه من الإنتفاع بها.
المطلب 2 : الأملاك العمومية الإصطناعية
حدد المشرع الأملاك العمومية الإصطناعية انطلاقا من المادة 16 من قانون الأملاك الوطنية والتي تم تعديلها سنة 2008، حيث تنص : »تشمل الأملاك الوطنية العمومية الإصطناعية خصوصاً على ما يأتي :
- الأراضي المعزولة اصطناعيا عن تأثير الأمواج ،
- السكك الحديدية وتوابعها الضرورية لاستغلالها ، ....الخ
يلاحظ أن المشرع عدل المادة 16 بموجب قانون 80/41 المعدل لقانون الأملاك الوطنية
90 -30، حيث أضاف "الحظائر الأثرية"، و"الأشياء والأعمال الفنية المكونة لمجموعات التحف المصنفة"(1)، كما أضاف "المعطيات المترتبة عن أعمال التنقيب والبحث المتعلقة بالأملاك المنجمية للمحروقات". كما يلاحظ أن المشرع حدد مشتملات للأملاك العمومية الإصطناعية تتعلق بالدومين العام البحري كالموانئ المدنية والعسكرية وتوابعها لحركة المرور البحرية، وأخرى تتعلق بالدومين العام الجوي كالموانئ الجوية والمطا ارت المدنية والعسكرية.
في حين أنه أضاف أملاك عمومية اصطناعية أخرى، تتمثل في الدومين العام البري، هذا الأخير لا تعتبر كل مشتملاته أملاك عمومية اصطناعية، بل لابد أن تستجيب – في فرنسا - إلى معايير وضعها القضاء : التهيئة الخاصة والتخصيص المباشر لاستعمال الجمهور أو التخصيص لخدمة مرفق عام(2)، في حين أن المشرع من خلال المادة 16 المذكورة اشترط في بعض الأحيان » الإنجاز لغرض المنفعة العمومية «، وفي أحيانٍ أخرى »التهيئة لإنجاز مرفق عام «.
ومن أمثلة الدومين العام البري نجد – حسب المادة 61 – السكك الحديدية وتوابعها، الطرق العادية والسريعة وتوابعها، الحدائق المهيأة والبساتين العمومية، المباني العمومية. كما يلاحظ على المادة 61 المذكورة، أن المشرع نص على مشتملات يمكن أن نصنفها في إطار الدومين العام الثقافي كالأعمال الفنية ومجموعات التحف المصنفة، الآثار العمومية والمتاحف والأماكن والحظائر الأثرية، حقوق التأليف وحقوق الملكية الثقافية الآيلة إلى الأملاك الوطنية العمومية هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تكلم المشرع عن الأملاك العمومية الإصطناعية المتعلقة بالثروات الطبيعية، ونذكر هنا المعطيات المترتبة عن أعمال التنقيب والبحث المتعلقة بالأملاك المنجمية للمحروقات .
كما يلاحظ أخيرًا أن المشرع، ومن خلال المادة 16 المذكورة، لم يحدد الأملاك العمومية الإصطناعية على سبيل الحصر، وٕإنما أورد أمثلة عنها باستعماله عبارة » خصوصاً على ما يأتي «، لذلك قد نجد تحديد لأملاك عمومية اصطناعية أخرى في قوانين أخرى، وعلى سبيل المثال ما ورد في المادة 61 من قانون المياه 50-21 المذكورة سابقاً، حيث نصت هذه المادة :»تخضع المنشآت والهياكل التي تنجزها الدولة والجماعات الإقليمية أو تنجز لحسابها للأملاك العمومية الإصطناعية للمياه، لاسيما ما يلي :
- كل المنشآت والهياكل المنجزة قصد البحث عن الموارد المائية ومعاينتها وتقييمها الكمي والنوعي .... ،
حيث قام المشرع بسرد مجموعة من المشتملات وهي مذكورة على سبيل المثال، من جهة، ومن جهة أخرى يمكن إدخالها في الدومين العام الإصطناعي النهري.
الفصل 2 : النظام القانوني للأملاك العمومية
يقصد بالنظام القانوني للأملاك الوطنية العمومية مجموعة من القواعد القانونية التي تستهدف تمكين الدولة وغيرها من الأشخاص الإدارية العامة من استعمال المال العام على النحو الذي يتحقق معه الهدف المرجو من تخصيص هذا المال للمنفعة العامة، وعلى ذلك سوف ندرس كيفية تكوين الأملاك العمومية ثم كيفية استعمال هذه الأملاك وأخيراً الحماية القانونية لهذه الأملاك .
المبحث 1 : تكوين الأملاك الوطنية العمومية
تقام الأملاك الوطنية- حسب قانون الأملاك الوطنية - بالوسائل القانونية أو بفعل الطبيعة، وتتمثل الوسائل القانونية في تلك الوسيلة القانونية أو التعاقدية التي تضم بمقتضاها أحد الأملاك إلى الأملاك الوطنية. ويتم اقتناء الأملاك التي يجب أن تدرج في الأملاك الوطنية بعقد قانوني وذلك حسب مايلي :
- طرق الاقتناء التي تخضع للقانون العادي: العقد، التبرع، والتبادل والتقادم والحيازة، وهذه تعتبر طرق عادية للإقتناء.
- طريقان استثنائيان يخضعان للقانون العام وهما نزع الملكية وحق الشفعة .
هذا بصفة عامة، غير أن تك وين الأملاك الوطنية العمومية يمكن أن يتفرع إلى إجراءين متميزين ،وهما : إما تعيين الحدود وٕإما التصنيف وهما إجراءان يؤديان إلى إد ارج الأملاك في طائفة الأملاك الوطنية العمومية.
المطلب 1 : الإدارج في الأملاك الوطنية العمومية
يكون الإد ارج في الأملاك العمومية بواسطة تعيين الحدود والتصنيف، وحتى يكون هذين الأخيرين مقبولين يجب أن يسبقهما الإقتناء باعتباره حدثاً معيناً، يترتب عليه التملك القبلي للملك الذي يجب أن يدرج في الأملاك الوطنية العمومية .
وتختلف عملية الإد ارج في الأملاك العمومية حسب طبيعة الملك : حيث يثبت الإد ارج في الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية بالعملية الإدارية لتعيين الحدود، في حين يكون الإد ارج في الأملاك الوطنية العمومية الإصطناعية على أساس الإصطفاف بالنسبة لطرق المواصلات وعلى أساس التصنيف حسب موضوع العملية .
وتنفرد السلطة المختصة بأعمال التحديد والتصنيف والتصفيف التي تجسد عملية إد ارج الأملاك العقارية في الأملاك العمومية، وهذا ما نصت عليه الفقرة 2 من المادة 3 من المرسوم التنفيذي رقم 21- 427 المؤرخ في 61/21/2012المحدد لشروط وكيفيات إدارة وتسيير الأملاك العمومية والخاصة التابعة للدولة المقصودة بالنسبة للأملاك الأخرى.
الفرع 1 : تعييـن الحدود
عرّف المشرع تعيين الحدود في المادة 92/1 من قانون الأملاك الوطنية 09-30، وذلك كما يلي:
»تعيين الحدود هو معاينة السلطة المختصة لحدود الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية «.
ويتكون المجالان البحري والنهري بحكم الطبيعة ويدرجان تلقائياً في الأملاك العمومية الطبيعية، ولا يُعد تدخل الإدارة من أجل وضع حدود هذه الأملاك إلا مجرد تقرير حالة سابقة مفروضة من الظواهر الطبيعية، لذا تنص المادة 29/3 من قانون الأملاك الوطنية بأن هذه العملية تكتسي طابعاً تصريحياً .
ولقد قسم المرسوم التنفيذي 21-427 المذكور، عملية تحديد أو تعيين حدود الأملاك العمومية الطبيعية إلى تعيين حدود الأملاك العمومية البحرية الطبيعية، وتعيين حدود الأملاك العمومية المائية الطبيعية.
الفقرة 1 : تعيين حدود الأملاك العمومية البحرية
انطلاقاً من المادة 8 من المرسوم التنفيذي 21-427، فإن الوزير المختص، يضع، وبالتشاور مع السلطات المحلية، برنامجاً لتعيين حدود الأملاك العمومية البحرية الطبيعية ويسهر على تطبيقه.
تقدر حدود البحر وتعاين من جهة الأرض، ابتداءً من حد الشاطئ الذي تبلغه الأمواج في أعلى مستواها خلال السنة وفي الظروف الجوية العادية، وتعد مساحة الشاطئ التي تغطيها الأمواج على هذا النحو جزًءً لا يتج أز من الأملاك العمومية البحرية الطبيعية.
ويثبت الوالي المختص إقليميا بقرار هذا الحد بعد إجراء معاينة علنية، وهذه الأخيرة تتم بمبادرة مشتركة بين ا المختصة عندما تصل الأمواج إلى أعلى مستواها، ويترتب على ذلك إعداد محضر معاينة.
وانطلاقا من علنية المعاينة، يحضر المجاورون العموميون أو الخواص، وذلك بعد إخبارهم بإجراء المعاينة، فيقوموا بتسجيل ملاحظاتهم وحقوقهم وٕ إدعاءاتهم، خلال هذا الإ
جراء، كما تجمع آراء المصالح أو الإدارات المطلوبة قانوناً.
وبعد المعاينة العلنية، فإن الحدود تضبط بقرار يصدر، بحسب الحالة، إن كانت هناك اعت ارضات من الغير أو لم تكن هناك أي اعت لإدارة المكلفة بالشؤون البحرية وٕ إدارة الأشغال العمومية، وتقوم بإجراء المعاينة المصالح التقنية المختصة عندما تصل الأمواج إلى أعلى مستواها، ويترتب على ذلك إعداد محضر معاينة.
وانطلاقا من علنية المعاينة، يحضر المجاورون العموميون أو الخواص، وذلك بعد إخبارهم بإجراء المعاينة، فيقوموا بتسجيل ملاحظاتهم وحقوقهم وٕإدعاءاتهم، خلال هذا الإجراء، كما تجمع آ راء المصالح أو الإدارات المطلوبة قانوناً.
وبعد المعاينة العلنية، فإن الحدود تضبط بقرار يصدر، بحسب الحالة، إن كانت هناك اعتراضات من الغير أو لم تكن هناك أي اعت ارضات، ففي حالة انعدام الإعتراضات المعتبرة فإن الوالي المختص محلياً يصدر قرارًا يضبط فيه الحدود البرية للأملاك العمومية البحرية مع تبليغه إلى مدير أملاك الدولة المختص إقليميا. أما في الحالة العكسية وبانعدام الت ارضي، تضبط الحدود بقرار وازري مشترك بين الوزير المعني أو الوزاراء المعنيون والوزير المكلف بالمالية.
وانطلاقا من المادة 9/1 من المرسوم التنفيذي 12 -427 المذكور، يعد قرار ضبط الحدود القانوني تصريحاً، وهو يثبت أن المساحات التي غطتها الأمواج في أعلى مستواها قد أدرجت فعلاً في الأملاك العمومية بسبب الظواهر الطبيعية.
ولقد أكدت المادة 21 من المرسوم التنفيذي 21-427 بأن طروح البحر ومحاسره هي أملاك عمومية بحرية، وذلك بعد أن قامت بتعريفها.
الفقرة 2 : تعيين حدود الأملاك العمومية المائية
تبين عملية تعيين حدود الأنهار حين تبلغ المياه المتدفقة أعلى مستواها حدود المساحات التي تغطيها مجاري المياه أو البحيرات ولقد حدد المرسوم التنفيذي 21-427 إجراءات تعيين حدود الأملاك العمومية المائية وذلك من خلال المواد 71 إلى 42 منه، وتتمثل هذه الإجراءات فيما يلي :
يضبط الوالي المختص إقليمياً، بموجب قرار، حدود مجرى السواقي والوديان بعد معاينة أعلى مستوى تبلغه المياه المتدفقة تدفقاً قوياً دون أن تصل حد الفيضان خلال السنة في الظروف الجوية العادي تجرى هذه المعاينة خلال تحقيق إداري تقوم به المصالح التقنية المختصة في مجال الري وٕ إدارة أملاك الدولة، وتسجل أثناء ذلك ملاحظات الغير وٕإدعاءاته، وتجمع أراء المصالح العمومية المعنية الأخرى الموجودة في الولاية.
ويتخذ الوالي قرار ضبط الحدود بناءً على ملف معد لهذا الغرض في حالة انعدام اعت ارضات معتبرة ثم تبلغ لكل مجاور معني، أما إذا حصل اعت ارض معتبر وتعذر حصول التراضي، تضبط الحدود بقرار وزاري مشترك بين الوزير المكلف بالري ووزير المالية و/أو الوزارء المعنيين الآخرين .
أما بالنسبة لتعيين حدود رقاق مجاري المياه، فإن الوالي يضبطها بموجب قرار، بعد القيام بتحقيق إداري مماثل للتحقيق السابق ذكره، تبعاً للخاصيات الجهوية، إذا كان منسوب سيلانها غير منتظم، وكان أعلى مستوى المياه في السنة لا يبلغ حدود التدفق الأقوى. هذا الإجراء ينطبق كذلك على رقاق مجاري المياه الجافة .
أما بالنسبة لحدود الأملاك العمومية المائية الطبيعية التي تتكون من البحيرات والمستنقعات والسباخ والغوط، فإنها تضبط بقرار من الوالي المختص إقليميا أو الولاة المختصون إقليمياً، وذلك على أساس أعلى مستوى تبلغه المياه التي يمكن أن تضاف إليها القطع الأرضية المجاورة التي يقدر عمقها حسب خاصيات الجهة المعنية وتبعاً لحقوق الغير.
هذه الحدود تضبط بعد القيام بتحقيق إداري تبادر به المصالح التقنية المختصة بمجال الري وٕإدارة أملاك الدولة، كما تجمع خلال التحقيق آ راء المصالح العمومية المعنية الموجودة في الولاية وما قد يرد من ملاحظات الغير المعني بالعملية.
وٕإذا كشف ضبط الأملاك العمومية المائية وجود صعوبات تقنية معقدة يمكن أن يستعان بلجنة استشارية من الخبراء، تحت إشراف وزير الري، لضبط المقاييس والثوابت التي تساعد الوالي على اتخاذ القرار المناسب.
الفرع : 2 التصنيف والاصطفاف
لقد عرف المشرع التصنيف في المادة/31الفقرة 1 م ن قانون الأملاك الوطنية، التي تنص :«التصنيف هو عمل السلطة المختصة الذي يضفي على الملك المنقول أو العقار طابع الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية.» .
فالتصنيف هو عمل قانوني أو حالة واقعية بمقتضاها يندرج المال في صنف الأملاك العامة الاصطناعية.
ولكن هذا الإجراء لابد أن يسبقه إجراء آخر وهو حيازة الشخص العام (الدولة أو الجماعات الإقليمية) الملك المراد تصنيفه. وتكون هذه الحيازة إما بطريقة من طرق القانون الخاص (كالشراء ) ، واما بأسلوب القانون العام (نزع الملكية للمنفعة العامة).
وبعد هذه الحيازة، يجب أن يكون والتبادل) العقار المطلوب تصنيفه ملكاً مؤهلاً ومهيئاً للوظيفة المخصص لها، وكل هذا طبقاً للمادة 31 من قانون الأملاك الوطنية . فنزع ملكية عقار ليكون مقبرة، يستلزم اتخاذ الإجراءات المادية اللازمة لتسهيل عملية الدفن. واقتناء عقار بالتراضي قصد جعله ملعباً، يتطلب قلع أشجاره وأحجاره، إجراء أعمال تسوية التربة والقيام بالبناء والتزويد بما هو لازم للملاعب عادة . فإذا توافرت الحيازة وشروط التهيئة لغرض الملك المقصود تصنيفه، تقوم الإدارة بتصنيف مال معين ضمن الأملاك العامة الحكمية .
أما الإصطفاف فقد عرفه المشرع في المادة /30الفقرة 1 من قانون الأملاك الوطنية من خلال هدفه، فهدف الاصطفاف هو إثبات تعيين الحدود الفاصلة بين الطرق العمومية والملكيات المجاورة، بمعنى أن الاصطفاف يخص الطرق العمومية ، أما التصنيف فيخص باقي الأملاك العمومية الاصطناعية.
الفقرة 1 : الاصطفاف L’alignement
لقد سمى المرسوم التنفيذي -12- 427 السابق ذكره، الاصطفاف بالتصفيف، حيث نصت المادة الفقرة1 منه على ما يلي :«يسمى ضبط حدود الأملاك العمومية في مجال الطرق تصفيفاً، والتصفيف هو العمل الذي تضبط به الإدارة حد طرق المواصلات وبالتالي حدود الملكيات المجاورة .»
انطلاقا من المادة 30 من قانون الأملاك الوطنية، فإنه يتم تعيين حدود الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية عبر مرحلتين تتمثلان في المخطط العام للاصطفاف والمخطط الفردي .
فالمخطط العام للاصطفاف أو ما يسمى بمخطط الاصطفاف له طابع تخصيص، حيث يحدد، عموماً، حدود أحد الطرق أو حدود مجموعة من الطرق . أما الاصطفاف الفردي فإنه يبين للمجاورين حدود الطريق وحدود ملكياتهم، وله طابع تصريحي، فهو يكشف الوضع الموجود، وهذا بالطبع في حالة عدم وجود اعتداء على الملك العمومي من قبل المجاورين .
ويعتمد مخطط الإصطفاف على الطرق الموجودة ولا يمكن أن يؤدي إلى تغيير محور الطريق أو تفريعه. هذا المخطط لا يكون إعداده إجباريا إلا بالنسبة للطرق العمومية الموجودة داخل التجمعات السكانية، والتي يستلزم الأمر فيها وضع حدود بين الملك العمومي وأملاك المجاورين .
ولإعداد مخطط الاصطفاف يجب أن يتم تحقيق علني، إذ تخضع العملية للنشر، والا لا يجوز الاحتجاج به على الغير، كما يجب أن تتم الموافقة عليه بعقد تصدره السلطة المختصة.
ولقد تكفل المرسوم التنفيذي رقم -12- 427 السابق ذكره، بتفصيل مسألة الاصطفاف فيما يتعلق بالطرق العامة التابعة للدولة، وهذا في المواد 25 إلى 34 منه، ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي : تعد جزءا لا يتجزأ من الأملاك العمومية الاصطناعية في مجال الطرق التابعة للدولة، الطرق الوطنية والطرق السريعة ومرافقها وكذا المنشآت الفنية، وتضبط حدودها وفقا للحالات التالية :
- في التجمعات العمرانية، حسب القواعد المنصوص عليها في التصميم العام للتصنيف (لاصطفاف) الذي تم نشره والموافقة عليه أو أدوات التهيئة والتعمير الموافق عليها.
- في المناطق الجبلية أو الريفية، حسب المقاييس التقنية المحددة في التنظيم، وفي هذه الحالة، تتطابق حدود الأملاك العمومية مع تلك المنصوص عليها في التصميم الذي اتبع في إنجاز الطريق ومرافقه أو تصميم الطريق المزمع إنجازه.
كما أنه ، إذا تبين من التصميم العام للتصفيف أو أدوات التهيئة والتعمير أن التصفيف القانوني يتطابق مع التصفيف الفعلي للطريق الوطني الموجود، فإن ضبط حدوده يقتصر على إثبات هذه الوضعية الفعلية، وذلك من أجل ضبط حدود الملكيات المجاورة .
ويترتب على التصميم العام للتصفيف بالنسبة للملاك المجاورين، ما يعرف بالارتفاق الإداري، الذي يتطلب الابتعاد عن الطريق أو عدم البناء، ويحتفظ الملاك الخواص المعرضة أراضيهم للتصفيف بكامل ملكية عقاراتهم حتى تقتنى منهم بالتراضي (عقد بيع) أو تنزع منهم ملكيتها .
وتجدر الإشارة إلى أن المرسوم التنفيذي 12- 427 قد خص الأملاك العمومية الاصطناعية التابعة للسكة الحديدية، في إطار طرق المواصلات، بفقرة خاصة بها (الفقرة2 ) انطلاقا من المواد 35 ً إلى 51 منه، حيث حدد مشتملات السكة الحديدية والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من الأملاك العمومية الاصطناعية، وحدد محتوياتها وطرق تحديد الحدود، حيث تضبط حسب التصميم العام للتصفيف أو تصميم التصفيف، الموافق عليه بمرسوم فيما يخص الأشغال الكبرى، وبقرار مشترك بين الوزراء المكلفين بالنقل و الأشغال العمومية والداخلية والمالية، إذا كان التصفيف يشمل أكثر من ولاية، أو بقرار يتخذه الوالي المختص إقليميا إذا وقع التصفيف في ولاية واحدة.
ويتم إعداد تصميم التصفيف بعد إجراء تحقيق علني، وكل هذا انطلاقاً من المادة 36 من المرسوم التنفيذي -12 427 المذكور . المتعلق بإجراءات التصنيف والغاء التصنيف .
وتجدر الإشارة في الأخير ، أن إلى المرسوم -80- 99 ، حدد الجهة الإدارية المختصة بإصدار قرار التصنيف، حيث أنه وطبقاً للمادة 1 منه فإن التصنيف بالنسبة للطرق الوطنية يعلن بواسطة مرسوم تنفيذي بعد أخذ الاستشارات اللازمة ( بعد أخذ رأي المجالس الشعبية المحلية المعنية ).
أما بالنسبة للطرق الولائية فإنه يتم تصنيفها بموجب قرار وزاري مشترك بين وزير الأشغال العمومية ووزير الداخلية، بعد مداولة المجلس الشعبي الولائي ، في حين أن الطرق البلدية يتم تصنيفها بموجب قرار صادر عن والي الولاية بعد مداولة من المجلس الشعبي البلدي المعني .
الفقرة : 2 التصنيف Classement
باستثناء طرق المواصلات التي تخضع للإصطفاف أي التصنيف بالمعنى الضيق، فإن باقي الأملاك العمومية الإصطناعية تخضع للتصنيف بالمعنى الواسع.
ويلاحظ أن المرسوم التنفيذي -12 427 المذكور سابقاً، تكلم عن تصنيف الموانئ البحرية والمطارات وكذا الممتلكات الثقافية والمعالم والمواقع التاريخية والطبيعية.
فالبنسبة للأملاك العمومية الاصطناعية البحرية المينائية، فقد نظمتها المادة 52 من المرسوم التنفيذي -12- 427 ، حيث تطرقت فقط للموانئ البحرية المدنية وملحقاتها، في حين أن الموانئ البحرية العسكرية وملحقاتها تخضع لنص خاص .
وعليه، فإن الموانئ المدنية مع منشآتها والمرافق اللازمة للشحن والتفريغ وتوقف السفن ورسوها والمساحات المائية وجميع الوسائل والمرافق المبنية أو غير المبنية الضرورية لاستغلال الموانئ أو صيانة ٕ السفن والمنشآت و اصلاحها، تشكل الأملاك العمومية الاصطناعية البحرية المينائية، ويتم تحديد أو ضبط حدودها بناء على مبادرة من إدارة الشؤون البحرية بالاشتراك مع ادارتي الأشغال العمومية والسلطة المكلفة بالميناء ، بموجب قرار من الوالي المختص إقليميا.
ومن أجل إصدار قرار ضبط الحدود لابد من إجراء تحقيق إداري، وفي حالة ما إذا اعترضت صعوبات تقنية معقدة عملية ضبط الحدود، فإنه يمكن الاستعانة بلجنة استشارية متكونة من خبراء في المجال، توضع تحت إشراف وزير النقل، وهذا قصد مساعدة الوالي على اتخاذ القرار .
وتجدر الإشارة أنه، تعتبر الطرق والسكك الحديدية وكذلك طرق الدخول الواقعة في حدود الموانئ جزءا ً لا يتجزأ من الأملاك العمومية المينائية .
أما بالنسبة للأملاك العمومية الاصطناعية المطارية، فقد نظمتها المادة 53 من المرسوم التنفيذي 12-427 المذكور وأحالت مسألة ضبط حدودها وتوسيعها وتصنيفها وكذا الارتفاقات الخاصة بها، للتشريع والتنظيم المتعلقين بسلامة الملاحة الجوية، هذا بالنسبة للمطارات المدنية، في حين أحالت إنشاء المطارات العسكرية وضبط حدودها وتوسيعها وتصنيفها، لنصوص خاصة.
أما فيما يتعلق بالممتلكات الثقافية والمعالم والمواقع التاريخية والطبيعية، فقد نظمتها المادة 54 من المرسوم التنفيذي -12- 427 ،حيث أن الممتلكات الثقافية العقارية والمنقولة المحمية والمعالم والمواقع التاريخية والطبيعية وغرائب الطبيعة وروائعها والمحطات المصنفة وكذا المساحات المحمية، فإنها تخضع للتشريع الخاص بها .
غير أنه، عندما يصنف عمل فني أو ملك ثقافي منقول له أهمية وطنية أكيدة، فإنه يدمج في الأملاك العمومية بمجرد اتخاذ قرار تصنيفه في إحدى هذه المجموعات، ويصبح حينئذ خاضع لقواعد الملكية العمومية.
. وتجدر الإشارة في الأخير أن الملكية العمومية، وانطلاقا من المادة 33 المعدلة سنة 2008من قانون الأملاك الوطنية، تنشأ بجعل الملك يضطلع بمهمة ذات مصلحة عامة أو تخصيصه لها، ولا يسري مفعوله إلا بعد تهيئة خاصة للمنشأة واستلامها، بالنظر إلى وجهته. وبعدها يدرج في الأملاك العمومية الإصطناعية بإصدار العقد القانوني للتصنيف، من طرف وزير المالية أو الوالي المختص، بعد مداولة المجلس الشعبي المعني.
. المطلب : 2 زوال الصفة العامة عن المال
لكي يكون الملك جزء لا يتجزأ من الأملاك العمومية، لابد من تصنيفه وتخصيصه، فيظل الملك يحمل الصفة العامة ما لم يكن موضوع إلغاء التصنيف أو نزع التخصيص عنه، غير أن مسألة المصطلحات مهمة، ذلك أن إلغاء التصنيف هو تصرف قانوني تقوم بموجبه السلطة الإدارية المختصة بإخراج الملك من دائرة الأملاك الوطنية العمومية، في حين أن نزع التخصيص أو إلغاء التخصيص هو مجرد ترك استعمال الملك، وبحسب الحالة، فإن تخصيص جديد لمنفعة أخرى، وتهيئة خاصة به قد تؤدي الى استعمال جديد للملك .
ويخرج الملك من نطاق الأملاك العمومية بانتهاء تخصيصه للمنفعة العامة، لأن الملك يكتسب صفته العمومية بتخصيصه للمنفعة العامة، وهذا يعني أن انتقاء التخصيص للمنفعة العامة يؤدي إلى فقدان الملك للصفة العمومية.
ويلاحظ أن المشرع تناول إلغاء التصنيف في المادة /31الفقرة 1 من قانون الأملاك الوطنية -90 30 حيث عرفه ب أنه « ... أما إلغاء التصنيف فهو الذي يجرد الملك من طابع الأملاك الوطنية العمومية، وينزله إلى الأملاك الوطنية الخاصة »، في حين نصت المادة /72الفقرة 1 من القانون نفسه على سبب إلغاء التصنيف، حيث أنه إذا فقد ملك من الأملاك الوطنية طبيعته ووظيفته اللتين تبرران إدراجه في هذا الصنف أو ذاك من الأملاك الوطنية، وجب إلغاء تصنيفه طبقاً لأحكام الفقرة الأولى من المادة 31 ،أي إنزاله إلى الأملاك الوطنية الخاصة .
كما يلاحظ أن المادة /72 الفقرتين 3 ،2 من قانون الأملاك الوطنية بينت مأل الاملاك التي تم إلغاء تصنيفها، حيث تلحق الأملاك، التي ألغى تصنيفها في الأملاك الوطنية العمومية، حسب أصلها، بالأملاك الوطنية الخاصة سواء التابعة للدولة أو الجماعة الإقليمية التي كانت تحوزها في بداية الأمر، ويثبت هذا الإلحاق أو التسليم بموجب محضر .
ومهما يكن، فإن فقدان الملك للصفة العمومية قد يتم بحكم الظواهر الطبيعية أو بالفعل أو بالقرار .
الفرع : 1 زوال الصفة العامة بحكم الظواهر الطبيعية
يجرد المال العام الطبيعي من صفته العامة بصورة فعلية وواقعية، وذلك عندما يؤدي فعل الطبيعة إلى فقد المال الطبيعي صفاته الطبيعية التي هيئته لكسب صفته العامة ، فلقد رأينا سابقاً، أن الملكيات المجاورة للبحر تدرج في الأموال العامة البحرية الطبيعية عندما تبلغها أقوى الأمواج في السنة وفي الظروف الجوية العادية، غير أنه إذا أصبحت هذه المساحات لا تغمرها أمواج البحر بالكيفية السابقة، فإنها تتحول إلى أملاك خاصة بالدولة.
الفرع 2 :زوال الصفة العامة بالفعل
قد يستعمل الجمهور مالاً معيناً استعمالاً مباشرا حتى ً لمدة معينة، ثم يقل هذا الاستعمال شيئاً فشيئاً العدول النهائي، ففي هذه الحالة لا فائدة من إضفاء صفة العمومية على هذا المال مادام وجه المنفعة العامة قد انتهى في الواقع العملي، حتى ولو كان القرار الذي منح صفة العمومية مازال ساريا . ولقد ثار خلاف في الفقه والقضاء حول مدى جواز فقد المال لصفة العمومية بالفعل، فهناك رأي ذهب إلى القول بأنه لا يجوز مطلقاً أن يفقد المال لصفة العمومية بالفعل، وهذا يعني أن المال العام لا يتحول إلى مال خاص بالفعل، وأنه يجب صدور قانون أو مرسوم أو قر ار بإنهاء تخصيصه للمنفعة العامة، لكي يمكن تحويله إلى مال خاص.
. في حين ذهب رأي آخر إلى أنه يجب التفرقة بين الأموال العامة بطبيعتها كالأنهار والبحار والبحيرات، فهذه يجوز أن ينتهي تخصيصها بالفعل، وبين الأموال العامة الحكيمة أو الاصطناعية التي أوجدها الإنسان كالطرق والموانئ، فهذه لا يجوز إنهاء تخصيصها بالفعل بل لابد من صدور إجراء من الدولة ينهي التخصيص للمنفعة العامة.
. في حين يرى الدكتور «محمد أنس قاسم جعفر» في كتابه «النظرية العامة لأملاك الإدارة والأشغال العمومية»، أن الأموال العامة تفقد صفتها بالفعل، ولكن يجب لكي تزول عن المال الصفة العمومية أن يكون التخصيص للمنفعة العامة قد زال فعلاً وبصفة نهائية، وتطبيقاً لذلك فإن المقابر لا ينتهي تخصيصها للمنفعة العامة بمجرد التوقف عن دفن الموتى بها، بل لابد لكي ينتهي التخصيص أن يتم نقل رفات كل الموتى الموجودين بالمقبرة، وذلك لأن الغرض الذي من أجله خصصت المقبرة للمنفعة العامة ليس مقصور على الدفن وحده، بل يشمل أيضاً حفظ رفات الموتى بعد دفنهم، ويترتب على ذلك أنها لا تفقد صفتها العامة بمجرد التوقف عن دفن الموتى فيها ولا يجوز تملكها بوضع اليد إلا بعد زوال تخصيصها واندثار معالمها وآثارها نهائيا كمقبرة .
الفرع : 3 زوال الصفة العامة بالقرار الإداري
انطلاقا من قاعدة توازي الأشكال، فإن الإدراج في الأملاك الوطنية العمومية يتم بقرار إداري، وبالمقابل فإن زوال الصفة العمومية عن الملك تكون بموجب قرار إدا ري سواء في إطار تعيين الحدود أو في إطار التصنيف، ففي إطار تعيين الحدود نلاحظ أن المادة /9 الفقرة1 من المرسوم التنفيذي -12 427 السابقة الذكر، تستلزم في ما يخص ضبط الحدود الأملاك العمومية البحرية، في حالة تراجع البحر، أن تدرج المساحات المكشوفة والتي لم تعد تغطيها الأمواج، في الأملاك الخاصة للدولة، وهذا الإدماج لا يكون إلا في إطار قرار إداري لضبط الحدود الجديدة، رغم أن العمل كان بفعل الطبيعة .
يلاحظ أن قانون الأملاك الوطنية -90 30 المعدل لم يتكلم إطلاقا عن مسألة زوال الصفة العامة بالفعل، لذلك نرجع إلى المرسوم التنفيذي – 12- 427.
كما أنه، وبالرجوع إلى المادة 06 من المرسوم التنفيذي – 12- 427 المذكور، نجدها تتكلم عن كيفية تجريد العقارات من صفتها العمومية والجهة المختصة بذلك، في حين أحالت مسألة إلغاء تصنيف طرق المواصلات وتجريدها من صفتها العامة، إلى المرسوم 99 -80. وانطلاقا من هذه المادة 6 ،فإن وزير المالية أو الوالي، كل في ما يخصه، وبعد استشارة الإدارة المعنية، يأذن بتجريد عقارات الأملاك العمومية التابعة للدولة من صفتها العامة، إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، وتسلم العقارات التي جردت من صفتها العامة إلى مصلحة أملاك الدولة، ويثبت ذلك بمحضر، ويعد جرد أو بيان وصفي لهذه العقارات . و إذا جردت مرافق الأملاك العمومية التابعة للدولة من صفتها العامة، عادت بحسب الحالة، إلى الأملاك الخاصة للدولة، أو إلى الجماعة العمومية المالكة مقابل استراد مبلغ التعويضات المحصل عليها إذا اقتضى الأمر .
المبحث 2: إستعمال الأملاك الوطنية العمومية
من المسلم به أن للأفراد حق استعمال المال العام كقاعدة عامة، غير أن هذا الاستعمال يجب أن يكون في حدود المنفعة العامة التي خصص لها المال العام .
وتنطبق هذه القاعدة على جميع الأموال العامة بصفة عامة، و قد رأينا سابقا أن تخصيص المال ِ العام للنفع العام قد يكون بتخصيصه لخدمة م بل رفق عام، أو بالاستعمال المباشر للمال العام من ق الجمهور . فبالنسبة لاستعمال الأموال العامة المخصصة للمرافق العامة، فإنه يكون بطريق غير مباشر بواسطة الانتفاع بالخدمات العامة التي تؤديها هذه المرافق للمنتفعين بها، ذلك هو الأصل العام في هذا المجال، ومع ذلك هناك مرافق يحرم على الأفراد استعمالها، أو حتى ارتيادها، إلا بصفة استثنائية، كما هو الشأن بالنسبة للمنشآت العسكرية الخاصة بمرفق الدفاع. كما أنه قد يكون ارتياد المال العام غير ممنوع، ولكن الأمر يتطلب احترام القواعد والضوابط المعمول بها داخل المرفق العام من جهة، وعدم الإضرار بالمال العام المخصص لهذا المرفق من جهة أخرى. وهذا ما ينطبق على الأموال العامة المخصصة لمرفق النقل والمواصلات، من موانئ بحرية وجوية وسكك حديدية وقطارات وطائرات ...
أما استعمال الجمهور للمال العام مباشرة، فإنه يكون إما استعمالا جماعياً أي انتفاعا مشتركاً، أو لأفراد معينين بصفتهم الخاصة فيكون استعمالا خاصاً .
وبالرجوع إلى قانون الأملاك 90 -30 نجد أن المادة 61 منه تجعل استعمال الجمهور للأملاك الوطنية العمومية يكون إما استعمالا مباشرا أو عن طريق مصلحة عمومية في شكل تسيير بالوكالات أو استغلال بامتياز، على أن تكون هذه المصلحة العمومية قد اختصت بتلك الأملاك، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، يمكن أن يكتسي استعمال الأملاك الوطنية العمومية طابعاً عادياً أو غير عادي . وحسب المادة 62الفقرة 1 من القانون نفسه ، فإنه يدخل ضمن الاستعمال العادي للأملاك الوطنية العمومية المخصصة للجمهور الاستعمال الجماعي أو الاستعمال الخاص للأملاك الوطنية العمومية المعنية .
لمطلب 1: الاستعمال الجماعي للأملاك العمومية (الاستعمال العام )
الاستعمال الجماعي يتعلق بفكرة أن المال مخصص لاستعمال الجميع، ولاستعمال الجمهور بصفة عامة، فالمستعمل غير محدد بذاته فهو غير مسمى، ولا يحتاج من أجل ممارسة هذا الاستعمال لأي سند قانوني خاص. وهذا النوع من الاستعمال يتعلق بممارسة حرية عامة أساسية، وهي الذهاب والإياب من إلى الأملاك العمومية المخصصة لهذا الاستعمال، كالطرق العامة، والشواطئ....
ويهيمن على موضوع استعمال الأفراد للدومين العام استعمالا عاماً أو جماعياً فكرة تخصيص المال ً للنفع العام، وفي أن هذا الاستعمال يكون الجمهور فيه دائماً على قدم المساواة، وأيضا يكون الجمهور حرا يستعمل هذا المال وقتما شاء ، أي أن هذا الاستعمال تحكمه قواعد أهمها المساواة بين المنتفعين وحرية المنتفعين بالمال العام في حدود الضوابط الإدارية المقررة، وأخيرا الاستعمال المجاني للمال العام.
ولقد أكد المشرع على هذه المبادئ العامة التي يخضع لها الاستعمال الجماعي للأملاك الوطنية العمومية، وهذا ما يظهر من الفقرة 2 من المادة 62 من قانون الأملاك الوطنية، ولقد فصل المرسوم التنفيذي -12- 427 من خلال المادة 63 منه في الاستعمال الجماعي أو المشترك، حيث عرفته الفقرة الأولى منها بأنه :«هو الاستعمال الذي يمكن أن يقوم به جميع المواطنين حسب الشروط نفسها .»
كما ميزت هذه المادة في فقرة الخامسة بين نوعين من الاستعمال الجماعي، الاستعمال الجماعي «العادي » إذا كان يمارس طبقاً للغرض الخاص الذي حدد لمرفق الأملاك الوطنية المقصود وخصص لاستعمال الجميع، أما الاستعمال الجماعي «غير العادي »فيكون إذا لم يمارس الاستعمال بما يطابق هذا الغرض ( الغرض الخاص المحدد لمرفق الأملاك الوطنية المقصود ) مطابقة كلية، لكنه لا يتعارض معه ، وفي هذه الحالة يجب أن يكون مرخصاً به بصفة مسبقة .
ولقد أكدت الفقرة الخامسة والأخيرة من المادة 63 السابقة الذكر ، أن الاستعمال العادي للأملاك العمومية يكون حرا ومجاني ويتساوى فيه جميع المستعملين، مع مراعاة الاستثناءات القانونية .
الفرع 1 : حرية استعمال المال العام
نتيجة لإقرار حق الاستعمال العام المشترك للمال العام من قبل الجمهور، فإن الأصل أن الاستعمال حرا ، ، وهذا يعني حرية كل فرد من استعمال المال العام في الوقت المناسب له ، دون إذن أو إعلان سابق ، طالما أن هذا الاستعمال لا يخل بالغرض الذي خصص له المال العام . وتشمل هذه الحرية : حرية الذهاب والإياب وحرية الدخول للشواطئ...
ولقد أكد المرسوم التنفيذي -12- 427 على مبدأ الحرية و ذلك انطلاقا من المادة 65 منه، حيث أن الاستعمال الجماعي لا يجوز منعه ولا إخضاعه لتصريح أو ترخيص قبليين، غير أنه يمكن للسلطات الإدارية المختصة أن تقنن هذا الاستعمال قصد الحماية الإدارية وضمان النظام العام بمدلولاته الثلاثة : الأمن العام، الصحة العامة، السكينة العامة، وقصد المحافظة على الملك العمومي أو حسن استعماله.
ولقد رتبت المادة 66 من المرسوم نفسه نتائج على مبدأ حرية استعمال المال العام من قبل الجمهور استعمالاً جماعياً، وتتعلق هذه النتائج بالطرق العمومية وشواطئ البحر.
فبالنسبة للطرق العامة فيترتب على مبدأ حرية استعمال الأملاك العمومية المخصصة للجميع استعمالاً عادياً، عدم شرعية الموانع العامة أو القطعية التي تقام ضد الراجلين والمستعملين الآخرين الراكبين، غير أن الموانع النسبية التي تتخذ، بسبب خصائص بعض الطرق، لضمان أمن المرور وسهولته تكون شرعية، ويمكن للسلطات الإدارية المخولة قانوناً، أن تفرض في هذا الإطار بعض التبعات التنظيمية على مستعملي الطرق العمومية في ميدان المرور والتوقف حرصاً منها على تحقيق المنفعة العامة .
أما بالنسبة لشواطئ البحر، فإنه تخول حرية دخول الجميع إلى شواطئ البحر و استعمالها عادياً، الحق لأي شخص أن يمر فيها ويتوقف ويسبح، ويستعمل في حاجاته الخاصة منتوجات البحر باعتدال، ضمن الحدود والشروط المنصوص عليها في القوانين والتنظيمات المعمول بها.
الفرع 2: المساواة في استعمال المال العام
وهذا يعني أن يكون الجميع متساوون في انتفاعهم بالمال العام، الأمر الذي يقتضي أن تقتصر الإدارة في تدخلها على إصدار القواعد التنظيمية العامة وأن لا تخضع الانتفاع – في جميع الأحيان وكقاعدة عامة – لنظام الترخيص السابق
ويترتب على مبدأ المساواة، أنه إذا ما فرضت شروط أو ضوابط معينة لتنظيم استعمال المال العام، فيجب أن تطبق هذه الضوابط بطريقة واحدة وأسلوب موحد على جميع الأفراد الذين يوجدون في نفس الظروف أو في ذات المراكز القانونية .
ولهذا، فإن مبدأ المساواة –بصفة عامة - مبدأ نسبي وليس مطلق، إذ لا يتصور أن تكون المساواة ٕ مطلقة بين الجميع، مهما اختلفت مراكزهم القانونية ومهما تغيرت ظروفهم الواقعية، وانما يتساوى الأفراد الذين يوجدون في نفس المركز القانوني أو في ذات الظروف، فالمعاملة تتوحد للمتوحدين في هذه المراكز وتلك الظروف، وتختلف للمختلفين فيها .
وهناك أمثلة كثيرة في هذا المجال، فالعدالة تقتضي إعفاء من يقطنون بجوار الطرق العامة من الرسوم المقررة للمرور فوق هذه الطرق، وتخصيص حدائق معينة للأطفال والنساء أو أصحاب الاحتياجات الخاصة.
وبالرجوع إلى المرسوم التنفيذي -12- 427 ،نجد أن المادة 68 منه تتكلم عن مبدأ المساواة، حيث يتمتع جميع المواطنين بالتساوي في حق الاستعمال والمعاملة في ميدان استعمال الأملاك العمومية ومرافقها الموضوعة تحت تصرفهم.
كما يتمتعون بالتساوي في حق الدخول، لاسيما إلى المعالم والمباني والحدائق العمومية المهيأة والغابات وشواطئ البحر.... مع اشتراط الامتثال للتنظيمات السارية عليها، والخاصة بحفظ النظام والمحافظة عليها .
الفرع3 : مجانية استعمال المال العام
المبدأ الثالث الذي يحكم الاستعمال المشترك للمال العام، هو مبدأ المجانية، والذي به يتحقق المبدأين السابقين، فاستعمال المال العام بحرية ومساواة بين المنتفعين يبقى مجرد أمر شكلي إذا لم يكن مرفوقاً بمبدأ المجانية .
فالقاعدة العامة أن الاستعمال العام أو الجماعي للمال العام يكون مجانياً، أي بدون مقابل يدفع من الجمهور. ومع ذلك فإنه يجوز للإدارة أن تفرض رسوماً محددة مقابل استعمال الأموال العامة في بعض الأحوال، كالرسوم التي تحصل عند دخول حدائق الحيوانات، أو دخول متحف الآثار .... غير أنه يجب أن تكون هذه الرسوم المفروضة من الإدارة مقابل استعمال المال العام مشروعة، أي يكون صدورها بقانون، أو مستند إلى قانون صادر من السلطة التشريعية، طبقاً لقاعدة قانونية الضرائب والرسوم .
ولقد أكدت المادة 67 من المرسوم التنفيذي -12 427 على مجانية الاستعمال الجماعي للأملاك العمومية، وذلك بأن لا يخضع هذا الاستعمال لدفع أتاوى، ماعدا الحالات المنصوص عليها في القانون.
المطلب 2: الاستعمال الخاص للأملاك العمومية
على عكس الاستعمال الجماعي، الاستعمال الخاص قائم على الشغل الاحتكاري أو التفضيلي للأملاك الوطنية العمومية . فهو لا يمثل تطابقاً في صيغته مع أهداف النفع العام التي خصص لها المال العام بصوره الأساسية ، وإن كان لا يصل إلى درجة التعارض الكامل معها بصورة توقف تخصيص المال العام ، وا نما يقف عند الخلاف الجزئي الذي يسمح بتنفيذ هذا النوع من الاستعمال الخاص جنباً إلى ٕجنب مع استمرارية الاستعمالات الأخرى الممثلة لأهداف التخصيص .
والمقصود بهذا النوع من الاستعمال إستثناء فرد أو أفراد معينين بذواتهم بالانتفاع بجزء من المال العام بناء على ترخيص أو إذن سابق من السلطة المختصة ، تمنحه بناء على سلطتها التقديرية، ويكون هذا الانتفاع الخاص بمقابل كقاعدة عامة .
ويجد الاستعمال الخاص أساسه القانوني في المادة 62 من قانون الأملاك الوطنية والتي عرفته بأنه يدخل ضمن الاستعمال العادي للأملاك الوطنية العمومية، يمارسه المستعملون بموجب رخصة إدارية مسبقة مقابل دفعهم أتاوى .
كما يجد الاستعمال الخاص أساسه القانوني في المادة 63 من قانون الأملاك الوطنية، والتي سمته « بالشغل الخاص » حيث جعلته يقتصر فقط على الأملاك الوطنية المخصصة للإستعمال الجماعي للجمهور، ويهدف إلى الاستعمال الخاص لجزء من الأملاك الوطنية العمومية المخصصة لاستعمال الجميع .
ولقد فصلت المادة 64الفقرة 1 من المرسوم التنفيذي – 12- 427 في تعريف الاستعمال الخاص للمال العام، حيث تنص : « يمارس الاستعمال الخاص أحد الخواص في قطعة من الأملاك العمومية منتزعة من الاستعمال المشترك بين الجمهور »، وهذا يجعل الاستعمال الخاص استعمال احتكاري لجزء من الأملاك العمومية التي كانت مخصصة للاستعمال المشترك بين الجمهور .
في حين نجد أن الفقرة 2 و 3 من المادة 64 من المرسوم نفسه تتكلم عن وسيلة منح الاستعمال الخاص للمال العام وطبيعة هذا الاستعمال، حيث أن الاستعمال الخاص يرتكز على سند قانوني خاص يعتبر رخصة تسلم لمستفيد معين، وتأخذ شكل عقد وحيد الطرف تصدره الإدارة أو الهيئة صاحبة الامتياز، أو التي تسير مرفق الأملاك الوطنية، أو يأخذ شكل عقد تبرمه الإدارة أو الهيئة صاحبة الامتياز أو المسيرة مع المستفيد .
ويخول هذا السند القانوني لصاحبه حقا مانعاً يستمر حتى إلغاء السند، وهذا لأن شغل الأملاك شغلا خاصاً يحكمه مبدأ الوقتية، أي أن الشغل الخاص مؤقت وليس دائم، ويمكن تغييره دائماً أو إلغاؤه، إذا غير تخصيص ملك من أملاك الدولة، أو كان غرضه بدافع المنفعة العامة، كما أنه لا يسمح بالاستعمال الخاص إلا إذا توافق مع تخصيص الملك، ويترتب على المستعمل أن يدفع أتاوى مقابل انتفاعه .
ولقد حددت الفقرة 4 والأخيرة من المادة 64 من المرسوم نفسه طبيعة الاستعمال الخاص للملك العام، إذ قد يكتسي طابعاً عادياً وذلك عندما يتوافق مع غرض مرفق الأملاك الوطنية الذي يقع استعماله، وقد يكتسي طابعاً غير عادي إذا تعلق الأمر بأحد مرافق الأملاك الوطنية المخصصة لاستعمال الجميع ولكنه استعمل استعمالاً خاصاً له، يعتقد على أية حال، أنه يتماشى مع الغرض الأصلي للملك المعني.
. وعليه، فإن الاستعمال الخاص للأملاك العمومية قد يتخذ شكل تصرف أحادي الطرف أو شكل عقد إداري، الأمر الذي يستلزم تفصيل هذه المسألة.
الفرع : 1 الاستعمال الخاص بموجب تصرف أحادي الطرف
يتم هذا الاستعمال بموجب قرار تصدره السلطة المختصة بالتصريح للشخص أو الأشخاص طالبي الانتفاع الخاص، بعد التأكد من أن هذا الاستعمال لن يؤثر على الغرض الذي خصص له المال العام للمنفعة العامة من ناحية، أو على الاستعمال العام لهذا المال العام من ناحية أخرى .
و بالرجوع إلى المادة 64 من قانون الأملاك الوطنية يلاحظ بأنها تقسم الرخصة الممنوحة في إطار الاستعمال الخاص لجزء من الأملاك العمومية، إلى نوعين : رخصة الطريق ورخصة الوقوف .
وتمثل هذه الرخص شغلاً مؤقتا للمال العام تمنح بناء على السلطة التقديرية للإدارة، وتكون قابلة للطعن في حالة الاستعمال التعسفي للسلطة .
ويجب أن تتماشى هاتان الرخصتان مع طبيعة استعمال الأملاك العمومية التي يحق للجمهور أن يمارسها ممارسة عادية دون أن يضايق استعمال مرافق الأملاك الوطنية المقصودة استعمالاً عادياً، كما يجب أن لا تسيئا إلى المحافظة على الأملاك العمومية، ولا تضرا حقوق أصحاب الرخص الآخرين .
الفقرة 1: رخصة الطريق :Le Permission de voirie
لقد عرفت هذه الرخصة المادة 64 الفقرة1 من قانون الأملاك الوطنية بقولها :« ... وتخول رخصة الطريق استعمالاً خاصاً لأملاك وطنية عمومية، يترتب عليه تغيير أساس الطريق العمومي، أو الاستلاء عليه، وتكون هذه الرخصة في شكل قرار من السلطة الإدارية المكلفة بالمحافظة على الأملاك الوطنية العمومية، وتقبض عنها أتاو طبقاً للتشريع المعمول به . »
في حين فصلت المادة 72 الفقرة2 من المرسوم التنفيذي 12- 427 في هذا التعريف وذلك بقولها« : تتمثل رخصة الطريق في الترخيص بشغل قطعة من الأملاك العمومية المخصصة لاستعمال الجميع شغلاً خاصاً مع إقامة مشتملات في أرضيتها، وتسلم لفائدة مستعمل معين، كما تنجر عنها أشغال تغير أساس الأملاك المشغولة»، يلاحظ أن هذا التعريف لا يشمل فكرة الاستلاء ودفع الأتاوى المنصوص عليهما في المادة 64الفقرة 1 المذكورة.
وعليه، يتضمن هذا النوع من الترخيص السماح للشخص أو الأشخاص المرخص لهم بإنجاز أعمال البناء والحفر في منطقة معينة من المال العام، كتوصيل شبكات الهاتف وأنابيب المياه تحت أرضية الشوارع العامة أو إنجاز محطات التزود بالوقود أو محلات بيع الجرائد...
الفقرة 2: رخصة الوقوف Le Permis de stationnement
يلاحظ أن المادة 64 من قانون الأملاك الوطنية تكلمت عن رخصة الوقوف دون أن تعرفها، في حين عرفتها المادة 71الفقرة 1 من المرسوم التنفيذي 12- 427 بقولها : « تتمثل رخصة الوقوف في الترخيص بشغل قطعة من الأملاك العمومية لاستعمال الجميع، شغلاً خاصاً دون إقامة مشتملات على أرتضيها ، وتسلم لمستفيد معين اسمياً » ، وهذا يظهر الفرق بين رخصة الطريق ورخصة الوقوف، فالأولى ، تتضمن تغيير أساس الطريق العمومي و إقامة مشتملات في أرضيتها، في حين أن الثانية تتضمن الشغل الخاص دون إقامة مشتملات على أرضية القطعة من الأملاك العمومية، ومثال ذلك كالسماح للمقاهي بوضع مقاعدها على جانب الطريق وللباعة بعرض بضاعتهم على جانبي الطريق .
الفقرة 3 : السلطة الإدارية المختصة بمنح الرخص
لقدد حدد المرسوم التنفيذي 12- 427 السلطة الإدارية المختصة بمنح رخصة الوقوف ورخصة الطريق .
1-بالنسبة لرخصة الوقوف : انطلاقاً من المادة 71الفقرة 2 من المرسوم التنفيذي 12- 427 فإن رخصة الوقوف تسلمها أو ترفض تسليمها، بحسب الحالة، السلطة المكلفة بأمن المرور عبر مرفق الأملاك العمومية المعني، ويكون ذلك كمايلي :
- يسلمها رئيس المجلس الشعبي البلدي بقرار، فيما يخص الطرق الوطنية أو الولائية الواقعة داخل التجمعات السكنية، وكذلك الطرق البلدية.
- يسلمها الوالي بقرار، فيما يخص الطرق الوطنية والولائية خارج التجمعات السكنية .
2 - بالنسبة لرخصة الطريق : انطلاقاً من المادة /72الفقرات2و6و7 من المرسوم التنفيذي 12- 427 فإن رخصة الطريق تسلمها أو ترفض تسليمها، السلطة المكلفة بتسيير الأملاك العمومية، ويسلمها حسب الحالة:
- رئيس المجلس الشعبي البلدي أو الوالي بقرار إذا كان تسيير مرفق الأملاك العمومية المعني لا تتولاه سلطة إدارية أخرى .
- عندما يكون سند الشغل الخاص للأملاك العمومية منشئاً لحقوق عينية، فيتم تسليمه من طرف الوزير المكلف بتسيير مرفق الملك العام المعني بناء على تقرير من الوالي المختص إقليمياً .
- كما يسلم أيضاً من طرف الوزير المكلف بتسيير مرفق الملك العام المعني عندما تكون الأشغال المراد إنجازها و/أو النشاط المرخص به يشمل إقليم عدة ولايات.
-
الفقرة4 : نهاية الرخص:
تنتهي الرخص إما نهاية طبيعية أو نهاية غير طبيعية، فالنهاية الطبيعية تكون بانتهاء الأجل المحدد في الرخصة ذاتها، فبناء على مبدأ الوقتية، فان الرخصة تمنح لأجل محدد، فبانتهاء هذا الأجل تنتهي الرخصة. والجدير بالملاحظة في هذه الحالة أنه من حق صاحب الرخصة طلب التجديد، وفي المقابل للسلطة الإدارية المختصة كامل السلطة التقديرية في قبول التجديد أو رفضه.
أما النهاية غير الطبيعية للرخصة فتكون قبل انتهاء أجل الرخصة، ويرجع ذلك لسببين، إما بسبب خطأ صاحب الرخصة أو دون خطأ منه.
ففي حالة ارتكاب صاحب الرخصة لخطأ، بأن لا يتقيد بشروط الرخصة أو أن يستعملها على وجه أخر غير المرخص به أو غير ذلك، فإن الإدارة تقوم بسحب الرخصة منه قبل نهاية أجلها، وفي هذه الحالة لا يستفيد من أي تعويض عن المدة المتبقية.
أما في حالة سحب الرخصة قبل انتهاء الأجل ودون خطأ من صاحب الرخصة، كأن تسحبها منه بدافع المنفعة العامة، فإن الإدارة ملزمة بدفع التعويض لصاحب الرخصة.
الفرع 2:الإستعمال الخاص بموجب عقد
يكون استعمال المال العام بشكل فردي خاص بموجب عقد تبرمه الإدارة مع بعض الأفراد وشأنه في ذلك شأن عقد الإمتياز للمرافق العامة، وذلك عند السماح لملتزم النقل الداخلي بإقامة محطات وقوف لمركباته، والتي كانت مخصصة أصلا لانتفاع الجمهور.
وهناك فارق واضح بين تكييف مركز المنتفع على أنه ترخيص أو عقد إداري، ففي الحالة الأولى يخضع مركزه القانوني لنظام القرارات الإدارية، أما في الحالة الثانية فإن مركزه يصبح أكثر استقرارا و ذلك لتطبيق أحكام العقود الإدارية، و إذا كانت العقود الإدارية لا تخول المتعاقد ذات الحقوق المقررة للمتعاقد في القانون الخاص، فإنها تخوله مزايا هامة، خصوصاً فيما يتعلق بحرمانه من الانتفاع قبل نهاية المدة المقررة في العقد، إذ يستلزم على الإدارة أن تعويضه تعويضاً كاملاً في هذه الحالة وفي حالات كثيرة غيرها.
ولقد أكد المشرع في قانون الأملاك الوطنية على أن الاستعمال الخاص للمال العام قد يكتسي إما شكل الرخصة أو الطابع التعاقدي ، كما أنه نص على عقد الإمتياز كوسيلة لاستعمال المال العام استعمالاً خاصاً، وذلك من خلال المادة 64 مكرر من قانون الأملاك الوطنية المعدل سنة 2008.
حيث قام المشرع بتعريف عقد امتياز استعمال الأملاك الوطنية العمومية، بأنه : العقد الذي تقوم بموجبه الجماعة العمومية صاحبة الملك، المسماة السلطة صاحبة حق الإمتياز، بمنح شخص معنوي (سواء شخص عام أو خاص) أو طبيعي، يسمى صاحب الامتياز، حق استغلال ملحق الملك العمومي الطبيعي( أي الأملاك العمومية الطبيعية) أو تمويل أو بناء و/أو استغلال منشأة عمومية (أي أملاك عمومية اصطناعية) لغرض خدمة عمومية لمدة معينة( وهذا تأكيد على مبدأ وقتية الاستعمال الخاص)، تعود عند نهايتها المنشأة أو التجهيز، محل منح الامتياز إلى السلطة صاحبة حق الامتياز.
كما حدد المشرع حقو ق وواجبات صاحب عقد الامتياز كحقه في تلقي أتاوى يدفعها مستعملو المنشأة والخدمة، وهذا من أجل تغطية تكاليف الاستثمار والتسيير وكسب أجرته، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، واجبه في أن يدفع إتاوة سنوية على أساس القيمة الإيجارية لملحق الملك العمومي الممنوح له و/أو نتائج استغلال هذا الملحق، تحصل لفائدة الجماعة العمومية المالكة، وهذا طبقا للمادة 64 مكرر 1.
الفرع 3 الشغل الخاص للأملاك العمومية المنشئ لحقوق عينية:
من المعلوم أنه لا يمكن ترتيب حقوق عينية على الملك العام، غير أن المشرع الجزائري _ أسوة بالمشرع الفرنسي_ سنة 2008، قرر بموجب تعديل قانون الأملاك الوطنية 08/14 إمكانية ترتيب الشغل الخاص للمال العام حقوقا عينية، حيث أضاف قسما خاصا بذلك سماه :
" القسم الثاني مكرر
الشغل الخاص للأملاك الوطنية العمومية المنشئ لحقوق عينية"
تضمن هذا القسم المواد 69 مكرر، 69 مكرر 1، 69 مكرر2، 69 مكرر 3، 69مكرر 4، 69مكرر5.
فانطلاقا من المادة 69 مكرر ، يلاحظ أن المشرع قرر لصاحب رخصة الشغل الخاص للأملاك العمومية بموجب عقد أو إتفاقية من أي نوع (مع أننا لاحظنا سابقا أن الاستعمال الخاص للملك العمومي يكون إما بموجب رخصة أو عقد، فلماذا نص على مصطلح اتفاقية من أي نوع؟)، حق عيني على المنشأت و البنايات و التجهيزات ذات الطابع العقاري التي ينجزها من أجل ممارسة نشاط مرخص له بموجب هذا السند.
بمعنى أن الحق العيني لا يترتب على الملك العام، وإنما على ما أتجزه صاحب السند من منشأت وبنايات على الملك العام، ولاحظنا فيما سبق أن رخصة الوقوف لا تتضمن إقامة منشأت على الملك العام، لذلك فلا يمكن لصاحب هذه الرخصة أن تكون له حقوقا عينية، عكس رخصة الطريق التي تتضمن الحفر والبناء على المال العام أي إقامة بنايات وتجهيزات على المال العام، مما قد ينتج عنه ترتيب حقوق عينية على هذه المنشأت، والأمر نفسه بالنسبة لعقد الامتياز، وهذا ما أكده المرسوم التنفيذي 12/427 من خلال المادتين 72 و 75.
كما يلاحظ أن المشرع جعل هذه المادة عبارة عن قاعدة مكملة، حيث أنه يمكن للإدارة أن تضع في السند بند ينص على أن هذا السند لا ينشئ حق عيني، وبالتالي لا تطبق أحكام القسم الثاني مكرر، أي لا تطبق أحكام المادة 69 مكرر ومايليها.
إن الحق العيني الذي ينشأ عن سند الشغل الخاص، يخول لصاحبه صلاحيات وواجبات المالك، وذلك خلال مدة السند ووفق الحدود والشروط المحددة في القسم الثاني مكرر المذكور، وهذا ما يظهر من خلال الفقرة 2 من المادة 69مكرر.
إن المشرع منح لصاحب السند هنا صلاحيات وواجبات المالك، ولكن ليس بصفة مطلقة و إنما قيدها بضوابط وحدود و شروط محددة في مواد أخرى سنراها لاحقا.
كما أن المشرع، وانطلاقا من الفقرة 3 من المادة 69 مكرر ، جعل المدة القصوى لسند الشغل الخاص المنشئ لحقوق عينية لا يمكن أن تتجاوز 65سنة، إذ تحدد مدة هذا السند بالنظر على طبيعة النشاط والمنشأت المرخصة وأهميتها.
ومادام ان المشرع اعترف لصاحب هذا السند بصلاحيات المالك، فقد نظم مسائل تتعلق بذلك، وهذا ما يظهر من المادة 69مكرر2.
حيث أنه يمكن التنازل عن الحقوق والمنشأت و البنايات والتجهيزات ذات الطابع العقاري أو تحويلها في إطار نقل الملكية بين الأحياء او اندماج أو ادماج أو انفصال شركات بالنسبة لمدة صلاحية السند المتبقية، ويكون ذلك لشخص مرخص له من قبل الإدارة المختصة، و أن يكون الاستعمال موافقا لتخصيص الملك العمومي المعني.
فرغم الاعتراف لصاحب هذا السند بصلاحيات المالك، إلا أنه كي يتنازل عن الحقوق يشترط الموافقة المسبقة للإدارة المختصة على الشخص المتنازل له، فالإدارة تبقى دائما صاحبة السلطة في اختيار صاحب السند، مما يجعل أن صلاحيات صاحب السند هنا مقيدة وليست كما في الشريعة العامة.
كما أنه، ومن خلال الفقرة 2 من المادة 69مكرر2، في حالة وفاة شخص طبيعي حائز لسند الشغل المنشئ لحق عيني، فإن السند و ما ترتب عنه ينتقل الى الورثة، الذين يجب عليهم أن يتفقوا فيما بينهم على مستفيد من السند، يقدم هذا المستفيد لموافقة السلطة المختصة عليه، في غضون ستة أشهر من تاريخ الوفاة.
وعليه، فحتى في حالة الوفاة يستلزم الأمر موافقة الإدارة المختصة على المستفيد المقترح من قبل الورثة، مما يجعل للإدارة دائما سلطة تقديرية في قبول او رفض المستفيد المقترح منهم.
كما أنه، وانطلاقا من المادة 69مكرر3 ، يمكن لصاحب السند _باعتبار أن له صلاحيات المالك_ أن يرهن الحقوق والمنشأت و البنايات والتجهيزات ذات الطابع العقاري، غير أن ذلك لا يكون إلا لضمان القروض التي يتحصل عليها من أجل تمويل إنجاز أو تعديل أو توسيع الأملاك الواقعة على الأملاك العمومية المرخص بشغلها.
وعلى أساس ذلك، فإن الإجراءات التحفظية وتدابير التنفيذ الجبري على الحقوق والمنشأت والبنايات المرهونة، لا يمكن توقيعها إلا من الدائنين الذين نشأ حقهم نتيجة قروض قدموها لتمويل إنجاز أو تعديل او توسيع الأملاك الواقعة في الملك العام المشغول من صاحب السند، أما الدائنين العاديين الأخرين_ في حالة تعدد الدائنين_ الذين لم يكن دينهم من أجل القيام بالأعمال المذكورة، فلا يمكنهم ممارسة إجراءات التنفيذ على ما بني على المال العام.
وجعل المشرع مسألة انقضاء الرهون مقترنة بانقضاء أجل السند، اذ لا يمكن للدائن أن ينمح لصاحب السند مهلة للوفاء تفوق مدة السند، وفي حال ما إذا تجاوز هذه المدة فإنه يتحمل مسؤوليته، لان المشرع اقر بانقضاء الرهون على الحقوق والممتلكات المقامة على المال العام بموجب سند الشغل، بانقضاء أجل السند مهما كانت الأسباب والظروف، وهذا طبقا للفقرة 3 من المادة 69 مكرر3.
كما يلاحظ أن المشرع نظم نهاية سند الشغل الخاص و الاثار المترتبة على ذلك، وهذا أساسا في المادة 69 مكرر 4، وحتى فيما يتعلق بانقضاء الرهون المشار إليها سابقا.
فانطلاقا من الفقرة 1 من المادة 69 مكرر 4 يلاحظ أن المشرع تكلم عن مأل الأملاك التي بناها صاحب السند عند نهاية هذا الأخير، ففي نهاية أجل السند نهاية طبيعية بانتهاء أجله، يجب الإبقاء على المنشأت والبنايات و التجهيزات ذات الطابع العقاري الكائنة على الملك العام على حالها، إلا إذا نص السند على تهديمها من قبل صاحب الرخصة أو أن تهدم وهو من يدفع تكاليف الهدم، ويمكن تصور ذلك _مثلا_في حالة تغيير تخصيص الملك العام، الأمر الذي يستلزم هدم البنايات المقامة والتي قد يتعارض وجودها مع التخصيص الجديد.
بالنسبة للبنايات و المنشأت والتجهيزات ذات الطابع العقاري التي تم الإبقاء عليها، تصبح بقوة القانون و دون مقابل، ملكا للجماعة العمومية التي يتبع لها الملك العمومي المعني، كما تستلمها حرة خالصة من كل الامتيازات والرهون.
أما في حالة النهاية غير الطبيعية للسند أي قبل انتهاء أجله، إذا كان سحب السند دون خطأ من صاحبه، فإنه يتم تعويض صاحب الرخصة عن الضرر المباشر المادي و الأكيد الناشئ عن النزع المسبق للحيازة، وتوضح قواعد تحديد التعويض ضمن سند الشغل، وهذا طبقا للفقرة 3 من المادة 69 مكرر4.
و يلاحظ أن المشرع، لم يحدد أسباب السحب قبل نهاية الأجل، وإنما تكلم عنها بمفهوم المخالفة باستعمال عبارة: " بسبب أخر غير عدم الوفاء ببنود و شروط الرخصة..."، بمعنى أن أسباب السحب تكون من جهة السلطة الإدارية وليس من جهة صاحب السند.
ومادام أن السحب لم يكن بسبب صاحب السند، فإنه تم تقرير تعويضه عن الاضرار اللاحقة به، المباشرة والمادية والأكيدة، وفي هذه الحالة تنتقل حقوق الدائنين المسجلين بصفة قانونية عند تاريخ السحب للرخصة على حساب هذا التعويض قصد استفاء حقوقهم منه.
أما في حالة سحب الرخصة قبل نهاية أجلها بسبب خطأ من صاحبها وهو عدم الوفاء ببنود وشروط الرخصة أو السند، فإنه لا يتم تعويضه عن الأضرار التي يمكن أن تلحقه نتيجة هذا السحب المسبق، وهذا يعتبر كعقوبة له. بل يعلم الدائنون المقيدون بصفة قانونية، على الأقل شهرين قبل تبليغ صاحب الرخصة بالسحب، بنوايا السلطة المختصة ( أي السحب المسبق) ، لكل غاية مفيدة كالسعي للحصول على الدين من صاحب الرخصة، ولتمكينهم لاسيما من اقتراح شخص أخر لاستبدال صاحب الرخصة المقصر، وهذا ما يفهم من الفقرة 5 من المادة 69 مكرر4.
و تجدر الإشارة الى أن المشرع أحال، فيما يخص المواد 69 مكرر و 69 مكرر 1 ، 69مكرر2، 69 مكرر3، 69 مكرر4، الى التنظيم لكي يحدد كيفيات تطبيق هذه المواد، ورغم صدور المرسوم التنفيذي 12/427 إلا أنه لم يبين كيفيات تطبيق هذه المواد، باستثناء ماورد في بعض فقرات المادتين 72 و75 منه.
كما تجدر الإشارة أخيرا الى أن المادة 69 مكرر5 قد نصت على أن أحكام سند الشغل الخاص المنشئ لحقوق عينية، لا تطبق على الأملاك العمومية الطبيعية البحرية و الأملاك العمومية الطبيعية المائية و الأملاك العمومية الغابية.
المبحث 3 : الحماية القانونية للأملاك العمومية
يقصد بالحماية القانونية للأملاك العمومية تلك القواعد القانونية التي نصت عليها القوانين لضمان استمرار الأموال العامة في تأدية وظيفتها خدمة للنفع العام. وتتحدد الحماية المقررة للمال العام بنطاقين من القوانين، الحماية المدنية والحماية الجنائية، فالأولى تهدف إلى إخضاع المال العام لقواعد قانونية مدنية، أما الثانية فتتمثل بالحماية الجنائية التي ينظمها ويضع الجزاء لمخالفتها القانون الجنائي.
ولقد خص المشرع مسألة الحماية القانونية بأحكام في قانون الأملاك الوطنية، حيث وضح من أين تستمد قواعد الحماية وهذا من خلال المادة 66 منه، إذ تنص :«... وتستمد القواعد العامة لحماية الأملاك الوطنية العمومية مما يأتي:
- مبادئ عدم قابلية التصرف، وعدم قابلية التقادم، وعدم قابلية الحجز .
- القواعد الجزائية العامة المتعلقة بالمساس بالأملاك وبمخالفات الطرق والقواعد الخاصة بنظام المحافظة» ... .
المطلب1: الحماية المدنية
تعني الحماية المدنية للأملاك العمومية تطبيق الأحكام والقواعد التي نص عليها القانون المدني لضمان أداء المال العام لدوره في خدمة المنفعة العامة على الوجه الأفضل.
ولقد نص المشرع على هذه الحماية المادة 689 من القانون المدني، باعتباره الشريعة العامة، كما تضمنت أحكامها المادة 66 من قانون الأملاك الوطنية المذكورة سابقاً، وقبلها المادة 4 من القانون نفسه في فقرتها الأولى وذلك بقولها : «الأملاك الوطنية العمومية غير قابلة للتصرف ولا للتقادم ولا للحجز .»
الفرع 1 : عدم قابلية الأملاك العمومية للتصرف
كان الغرض من وضع قيد عدم جواز التصرف في الأموال العامة في فرنسا قديماً، هو حماية أموال التاج من أن يبددها الملوك بإسرافهم وتبذيرهم، وكان الملك طبقا لهذا القيد يمنع من تبديد أمواله العامة والخاصة .
وقد تغير هذا المبدأ في الوقت الراهن، وأصبح الغرض منه حماية النفع العام الذي خصص المال من أجله، وبذلك يكون تخصيص المال للمنفعة العامة هو الذي أدى إلى الإبقاء على هذا المبدأ رغم تغير أساسه.
ويتمثل مضمون هذا المبدأ في أن المال العام يكون مملوكاً ملكية صحيحة للإدارة التي يتبعها هذا المال، إلا أن هذا المال مخصص أصلاً للمنفعة العامة، الأمر الذي يترتب عليه أنه لا يجوز للإدارة التي تملك هذا المال أن تتصرف فيه بما يتعارض مع النفع العام الذي خصص من أجله، سواء كان هذا التصرف بمقابل كالبيع، أو بلا مقابل كالهبة.
وعليه، هناك أنواع من التصرفات تلائم الأموال العامة مع احتفاظها بصفة العمومية، لأنها لا تتعارض وتخصيصها للنفع العام، منها المبادلات التي تتم بين الأشخاص الإدارية المختلفة بشأن أحد أجزاء المال العام، فينقل المال العام من الدولة إلى الولاية أو البلدية أو العكس، كما أن للدولة أن تمنح إلتزاماً بمرفق عام يكون وعاؤه المال العام، وأن تمنح للأفراد حق استعمال المال العام استعمالا خاصاً كما رأينا سابقاً.
ولقد نص المشرع في قانون الأملاك الوطنية على هذه التصرفات التي تقوم بها الإدارة ولا تتعارض وتخصيص المال العام للنفع العام، حيث نصت المادة 73 منه على تحويل التسيير، في حين نصت المادة 63-المذكورة سابقاً – على التراخيص الخاصة بالشغل الخاص، كما نجد أن المادة 66 قد نصت على تقر ير حقوق الارتفاق ، إذ يترتب على هذه الأخيرة، أنه يجوز للإدارة أن تسمح بفتح ممر في أحد أموالها العامة لصالح الملاك المجاورين شريطة ألا يكون ذلك متناقضاً مع الهدف الذي خصص له المال العام، ولها في ذلك سلطة تقديرية .
الفرع 2: عدم قابلية الأملاك العمومية للتقادم
يعتبر هذا المبدأ نتيجة حتمية لمبدأ عدم جواز التصرف في الأموال العامة، فمادامت هذه الأموال لا يجوز التصرف فيها، بنقل ملكيتها إلى الغير، فإنه لا يجوز كذلك و من باب أولى إكتساب ملكيتها بالتقادم .
ويقصد بهذا المبدأ، أن استناد الأفراد إلى وضع يدهم على الأموال العامة مهما طالت مدته، لا يفيد في الادعاء باكتساب ملكيتها، كما أن حيازتها لا تصلح سبباً لقبول دعوى وضع اليد، لأن هذه الحيازة في نظر القانون، ليست إلا حيازة عارضة، لا تحميها دعوى وضع اليد التي شرعت لحماية الحيازة القانونية . ومن المعروف أن حيازة الأموال العامة غير مشروعة في نظر القانون ومن ثمة لا تحميها دعوى وضع اليد .
وتبدو أهمية قاعدة عدم جواز تملك الأموال العامة بالتقادم في كونها وسيلة فعالة لحماية الأموال العامة ضد اعتداءات الأفراد، خصوصاً بعد انتشار ظاهرة قيام الأفراد بالاعتداء على الأموال العامة للدولة- سيما العقارية منها – وذلك بوضع اليد عليها مدة طويلة من الزمن، و اقامة البنايات عليها أحياناً ٕفي محاولة من المعتدين لتثبيت ذلك الوضع غير المشروع، الأمر الذي يصعب التسليم به بشأن الأموال العامة المملوكة للدولة ولأشخاصها المعنوية العامة، مما استلزم تزويد الإدارة التي يتبعها المال العام بالوسيلة التي تمكنها من رد اعتداءات الأفراد على الأموال العامة، وذلك من خلال إعمال قاعدة عدم جواز تملك الأموال العامة بوضع اليد عليها لمدة طويلة .
ويلاحظ من خلال قانون الأملاك الوطنية المعدل سنة 2008 أن المشرع جعل الأملاك الوطنية سواء العمومية أو الخاصة غير قابلة للتقادم، بعدما كان الأمر في قانون الأملاك لسنة 1990 يقتصر على عدم قابلية الأملاك العمومية للتقادم دون الخاصة .
الفرع 3: عدم قابلية الأملاك العمومية للحجز
متى تقرر بأنه لا يجوز التصرف في المال العام بما يتعارض مع تخصيصه للنفع العام، وجب القول أيضا بأنه لا يجوز اتخاذ طرق التنفيذ الجبري إزاء هذا المال، لأن الحجز على الأموال العامة، سوف يؤدي في النهاية إلى بيعها بيعاً جبريا، إذ لم تكن هناك فائدة من توقيع الحجز عليها، إلا إذا كان يتبعه البيع، قصد تسديد الديون التي وقع الحجز من أجلها . كما أنه إذا كان البيع الاختياري للأموال العامة ممنوعاً، فمن باب أولى أن يمنع البيع الإجباري .
وفي حقيقة الأمر هذا المبدأ مفهوم، فحماية المال المخصص للنفع العام، والتي استلزمت منع نقل ً ملكيته اختيارا عن طريق وضع اليد، تستلزم أيضاً ألا تنزع ملكيته جبرا بطريق الحجز عليه كما يقع على أموال الأفراد. هذا فضلا عن القاعدة العامة التي تفرض ملاءة ذمة الدولة، وأنها قادرة على تنفيذ إلتزاماتها دون ضغط أو إكراه .
وينشأ عن مبدأ عدم قابلية المال العام للحجز عليه عدم جواز ترتيب رهن رسمي أو رهن حيازي أو حق امتياز أو اختصاص على المال العام، وذلك حتى لا يتقرر حق الأفضلية أو التتبع مثلما يحدث عند بيع الأموال الخاصة جبرا، لأن إجراء البيع على المال يقع باطلاً باتفاق الفقه.
و ان كان المشرع قد خرج نوعاً ما عن هذه القاعدة أو المبدأ بفتح المجال لإمكان ترتيب رهن على الملك العام، ولكن بأحكام خاصة إذ تنقضي هذه الرهون بانقضاء سند الشغل الخاص .
المطلب2: الحماية الجنائية
بجانب الأحكام السابقة التي تحمي المال العام من التصرفات المدنية، فإن المشرع قد عنى بتقرير حماية خاصة للمال العام، تحفظه من أنواع التعدي الصادرة من جمهور المنتفعين أو إهمالهم، ألا وهي الحماية الجنائية، غير أن هذه الحماية ليست موحدة بحيث تشمل جميع الأموال العامة على قدم المساواة، ولكنها تنصب بصورة أوضح على الأموال الأكثر تعرضاً للجمهور، كالطرق العامة... .
ولقد قرر قانون الأملاك الوطنية حماية جزائية للأملاك العمومية، بالإضافة إلى الحماية المقررة في قانون العقوبات ونصوص قانونية أخرى .
الفرع 1: في قانون الأملاك الوطنية
نجد أن قانون الأملاك الوطنية نص على مبدأ الحماية الجزائية للأملاك العمومية في المادة 66 منه بقولها :«... –القواعد الجزائية العامة المتعلقة بالمساس بالأملاك وبمخالفات الطرق والقواعد الخاصة بنظام المحافظة »، يضاف إلى ذلك الفصل ما قبل الأخير من هذا القانون المعنون بـ «الأحكام الجزائية » والذي تضمن المواد 136 ،137 ،138.
ولقد أحالت المادة 136 مسألة العقاب عن كل أنواع المساس بالأملاك الوطنية إلى قانون العقوبات، في حين أن المادة 137 بعد تعديل 2008 أضافت إلى ذلك سريان مفعول الأحكام الجزائية المنصوص عليها في القوانين التي تحكم تنظيم وسير المصالح العمومية والمؤسسات والهيئات العمومية، وكذا أحكام التشريع الخاص بمختلف قطاعات الإقتصاد الوطني الذي يعاقب على المساس بالأملاك الوطنية .
كما أن المادة 138 جعلت معاينة وملاحقة المخالفات المنصوص عليها في المادة 136 تتم طبقاً للإجراءات المقررة في قانون الإجراءات الجزائية .
من خلال أحكام هذه المواد نجد بأن قانون الأملاك الوطنية، من جهة أحال الحماية الجنائية للمال العام إلى القوانين الخاصة بها وعلى رأسها قانون العقوبات، ومن جهة أخرى تكلم على نظام المحافظة، وهذا الأخير نظمه المشرع في المادتين 68 و 69 من قانون الأملاك الوطنية، حيث يشكل نظام المحافظة عنصر من عناصر نظام الأملاك الوطنية، يهدف إلى ضمان المحافظة على الأملاك الوطنية العمومية بموجب تشريع ملائم مرفق بعقوبات جزائية.
ويطبق في مجال نظام المحافظة ما يلي :
- تطبق المتابعات عن المخالفات ضد الشخص الذي ينسب إليه الفعل الذي يحدث المخالفة أو الشخص الذي تنجز لحسابه الأشغال وتسبب في الأضرار .
- يشرع في المتابعة على أساس محضر يعده أشخاص لهم صفة ضابط الشرطة القضائية أو موظفون يخولهم القانون بعض سلطات الشرطة القضائية فيما يخص حماية الأملاك الوطنية العمومية والمحافظة عليها.
الفرع 2: في قانون العقوبات
وهي الحماية التي يقررها قانون العقوبات لكفالة الأموال العامة والحفاظ عليها، بتحريم تعدي الأفراد عليها وتعريضهم للعقاب الجنائي بهذا الشأن. وحماية الأموال العامة جنائيا تعتبر استثناء خارجاً عن القواعد العامة، لأن الاعتداءات على الأموال الخاصة يمكن مبدئياً مطالبة المعتدي بالتعويض المدني، ولا يوقع على هذا الأخير العقاب الجنائي إلا في حالة مساسه بهذه الأموال مساساً خطيرا متعمدا .
ولكن الأمر يختلف بالنسبة للأموال العامة، إذ أن كل اعتداء مادي يقع عليها يستوجب توقيع الجزاء الجنائي ، حتى إذا لم يكن هذا الاعتداء متعمدا بل كان نتيجة إهمال أو عدم احتياط .
وبالرجوع إلى قانون العقوبات الجزائري يلاحظ أن هناك العديد من المواد التي تنص على الجرائم التي تمس بالمال العام والعقوبات المقابلة لها، نذكر منها على سبيل المثال :
تنص المادة 119 مكرر : « يعاقب بالحبس من ستة(6)أشهر إلى ثلاثة ( 3)سنوات وبغرامة مالية كل موظف عمومي تسبب بإهماله الواضح في سرقة أو اختلاس أو تلف أو ضياع أموال عمومية أو خاصة... ، » فهذه المادة تهدف إلى حماية المال العام من السرقة أو الاختلاس أو التلف أو الضياع، والذي يكون سبباً فيه الإهمال الواضح من الموظف العمومي .
في حين تنص المادة 120»: يعاقب بالحبس من سنتين(2)إلى عشر ( 10) سنوات وبغرامة مالية ... القاضي أو الموظف أو الضابط العمومي الذي يتلف أو يزيل أو يبدد أموال عمومية... ، » فهنا الأمر يتعلق بإتلاف أو تبديد أو إزالة أموال عمومية من قبل القاضي أو الضابط العمومي أو الموظف ، ِعكس الحالة الأولى التي يكون فيها التلف أو الاختلاس أو الضياع من قبل الغير في حين تسبب فيه موظف عمومي بإهماله الواضح .
كما نجد أن المادة 150 تتعلق بتهديم أو تخريب أو تدنيس القبور، أما المادة 155 فتتعلق بكسر الأختام العمومية، في حين أن المادة 160مكرر 4 تتعلق بحبس من قام عمدا بإتلاف أو هدم أو تخريب نصب أو تماثيل أو لوحات أو أشياء أخرى مخصصة للمنفعة العمومية أو تزيين الأماكن العامة، أو نصب أو تماثيل أو لوحات أو أية أشياء فنية موضوعة في المتاحف والمباني المفتوحة للجمهور.
يضاف إلى هذه المواد كل ما يتعلق بالجرائم الواقعة على المال العام والمحددة في قانون العقوبات أو حتى قوانين أخرى خاصة .
مقدمة
أموال السلطة الإدارية هي نفسها أموال الدولة، لأن الإدارة أو السلطة الإدارية لا تتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة، ولكنها تمثل الدولة في قيامها باختصاصاتها المختلفة، بما في ذلك إدارتها لأموالها وتصرفها فيها.
وللدولة كشخص معنوي عام ذمة مالية تحتوي على كمية كبيرة قد يصعب حصرها من الأموال العقارية والمنقولة، ومن أمثلة الأموال العقارية المملوكة للدولة الشوارع والطرق والساحات العمومية ومباني الوازارت والمصالح الحكومية، ومن أمثلة الأموال المنقولة للدولة نجد أثاث الم ارفق العامة وأدواتها المكتبية وكتب المكتبات العامة ونقود الدولة وأوراقها المالية المودعة بالبنوك .
وتنتزع الدولة من بعض الأموال المملوكة لها، نطاقاً معينا منها تضفي عليها حماية خاصة بالنظر
للتخصيص المعد لها، وتطلق عليها أموال الدومين العام »Domaine public « وتخضعها للقانون العام، بالمقابلة بينها وبين بقية الأموال المملوكة للدولة والمعروفة بالأموال الخاصة أو الدومين الخاص»Domaine privé«
ولقد ظهرت فكرة الأملاك الوطنية في فرنسا مع نهاية القرن 81 وصدور مرسوم 22/11/1790 المتضمن قانون الدومين الذي أقر بملكية الدولة لهذه الأموال غير القابلة للتصرف والتقادم.
غير أن التفرقة بين الدومين العام والدومين الخاص في إطار ممتلكات الدولة، لم تظهر إلا في أواخر القرن 19، والفضل في ذلك يعود للفقيه الفرنسي »برودون« عندما عرّف الدومين العام على أنه الأموال المخصصة لإستعمال الجميع من ضمن ما يعود للدولة من ممتلكات. إلاّ أن التمييز الرسمي بين النوعين ظهر بمناسبة سن فرنسا لقانون الملكية في الجزائر سنة 1851، حيث ميز هذا القانون بين الدومين العام ودومين الدولة، والذي حلت محله لاحقاً عبارة الدومين الخاص.
ولقد عرفت الجزائر منذ الإستقلال نصين إهتما بتنظيم الأملاك الوطنية، وهما :
- الأمر الصادر في 03 جوان 1984 في ظل الاشتراكية والذي تميز بمفهوم موسع للأملاك الوطنية
- قانون 09 / 03 المؤرخ في 1-21-1990 والذي ميز بين الأملاك الوطنية العامة والخاصة، كما عرف هذا الأخير تعديل بموجب القانون رقم 80/41 بتاريخ 02 جويلية 2008، يضاف إلى ذلك المراسيم التنفيذية التي صدرت لتنظيم هذا المجال.
وتجدر الإشارة إلى أن مجال الأملاك الوطنية منظم في الدستور والقانون المدني كذلك، باعتبار أن هذا الأخير ينظم حق الملكية بصفة عامة.
ولما كانت الأموال أو الأملاك التي تدخل دراستها في إطار القانون الإداري هي الأموال أو الأملاك العمومية، فإن هذه المحاضرات ستقتصر عليها، مع المقارنة عند اللزوم مع الأملاك الخاصة.
الفصل الأول : مفهوم الأملاك العمومية
يتسع ويضيق مفهوم الأملاك العمومية بحسب النهج الاقتصادي الذي تتبعه الدولة، فكلما ازداد تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي كلما اتسع مفهوم الأملاك العمومية، وذلك من خلال إنشائها لمؤسسات وهيئات عامة تعتبرها من أشخاص القانون العام، وتعتبر أملاكها أملاك عمومية، وما تصدره من قوانين تؤدي إلى توسيع الملكية العمومية على حساب الملكية الخاصة للأفراد، غير أنه ينحصر ويضيق مفهوم الأملاك العمومية في الدول التي تتبنى الاقتصاد الحر، حيث أن الاعتراف فيها يكون بالملكية الفردية.
ولكي نتعرف على الأموال العمومية لابد من د راسة المعيار الذي يميزها عن الأموال الخاصة، الذي يترتب عليه اكتسابها صفة العمومية من جهة، وطبيعة حق الدولة والأشخاص العامة الأخرى على المال العام من جهة أخرى.
المبحث 1 : المعيار المميز للأموال العمومية
سنعرض في هذا المبحث للمعايير الفقهية في إطار النظام الفرنسي باعتباره السبّاق للبحث في معيار يميز الأموال العمومية للدولة عن أموالها الخاصة، ثم نعرض بعد ذلك للمعيار المعتمد في القانون الجزائري.
المطلب 1 : معايير التمييز في إطار النظام القانوني الفرنسي
لو رجعنا إلى القانون المدني الفرنسي، لوجدناه يتناول الأموال العامة في المواد من538 إلى
541. فنصت المادة 538منه :»تعتبر أموالاً عامة الطرق والشوارع التي تتكلف بها الدولة، الأنهار...
وعموما كل أجزاء الإقليم الفرنسي غير القابلة للتملك الخاص «، في حين أن المواد الأخرى تكلم فيها المشرع الفرنسي عن أصناف معينة من الأملاك العمومية (الأملاك الشاغرة دون مالك، خنادق وأسوار الحصون والقلاع الحربية ،....).
فلبيان ماهية الأملاك العمومية، لم يكتف المشرع الفرنسي بتعداد بعض هذه الأملاك فحسب، بل تبنى معيار عدم القابلية للتملك الخاص أيضاً .
غير أن هذا المسلك لا يؤدي إلى التحديد الدقيق لهذه الأملاك، إذ مهما يكن تعدادها فلن يفلح بالإحاطة بها كلها. كما أن معيار عدم القابلية للتملك الخاص لا يعتبر ذا فائدة عملية لأن ما يستحيل أن يتملكه الخواص يحتاج في حد ذاته إلى معيار.
وانطلاقاً من هذه المواد وقصورها في تحديد الصفة العمومية للأملاك، وضع الفقه الفرنسي معايير تميز الأملاك العامة للدولة عن أملاكها الخاصة، فكان أولها معيار طبيعة المال، وتلاه معيار تخصيص المال لخدمة مرفق عام، وأخيًرًا معيار تخصيص المال للمنفعة العامة.
الفرع 1 : معيار طبيعة المال :
لقد ساد هذا المعيار في فرنسا في القرن 19،اذ يرتكز على طبيعة المال في حد ذاته لتمييزه عن المال الخاص.
بني هذا المعيار على أن الأساس في تحديد المال العام وتمييزه عن المال الخاص يتجسد في طبيعة المال ذاته، إذ يجب أن يكون غير قابل للملكية الخاصة، لكي يصبح مالاً عاماً بالطبيعة »Domanialité par nature«.
ويتزعم هذا الإتجاه الفقيه الفرنسي ديكروك»Ducro«والأستاذ بيرتلمي»Berthelemy«، فيرى هذين الفقيهين أن الأموال العامة يميزها أنها تختلف بطبيعتها عن الأموال الخاصة، فالعقا ارت لكي تعد من الأموال العامة، يجب أن تكون مما لا تقبل الملكية الخاصة بطبيعتها.
ولقد استند "ديكروك" على نصوص القانون المدني الفرنسي، وخاصة المادة 538 واستنتج منها وجوب كون المال غير قابل للملكية الخاصة بطبيعته لكي يعتبر مالاً عاماً، كما استخلص من النص السابق أنه يشترط أن يكون المال العام عقاراً وليس منقولاً، وبناءً على ذلك أخرج المنقولات من عداد الأموال العامة.
أما الأستاذ "بيرتلمي"فيرى أن الأموال العامة تختلف بطبيعتها ومن حيث الواقع عن الأموال الخاصة اختلافاً يستوجب استقلالها بأحكام قانونية خاصة بها، وذلك لأن هذه الأموال لا يمكن تملكها أو التصرف فيها من جانب الأفراد، ولهذا فإنها لا تخضع لقواعد القانون الخاص.
وقد قصر "بيرتلمي" صيغة المال العامة على الأموال التي تكون مخصصة لإستعمال الجمهور ،لأنها هي التي تختلف عن المال الخاص، لذلك استبعد من عداد الأموال العامة المباني، إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، كما استبعد المنقولات من نطاق الأموال العامة مثل "ديكروك" .
غير أن هذا المعيار انتقد لتضييقه من نطاق الأموال العامة، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن عدم قابلية المال للتملك لا يرجع إلى طبيعته الخاصة، وٕإنما هو نتيجة لإضفاء الصفة العمومية عليه .
وبذلك، فإن جميع الأموال تقريباً، يمكن تملكها من جانب الأفراد ملكية خاصة حتى الطرق والموانئ والشوارع، ولا يمنع الأفراد من ذلك إلا عندما يضفى عليها صفة المال العام.
وأخيرًا، فإن أصحاب هذا الاتجاه حملوا نصوص القانون المدني أكثر مما تتحمل، واستندوا إليها في تأصيل هذا المعيار، لأن هذه النصوص تحدثت عن الدومين المملوك للدولة دون تمييز.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك جانب من الفقه يطلق على هذا المعيار تسمية "معيار التخصيص لإستعمال الجمهور"، إذ أن الأموال المملوكة للدولة أو لأحد أشخاص القانون العام تعتبر أموالاً عامة إذا كانت مخصصة لاستعمال الجمهور مباشرًةً، وبالتالي غير قابلة للتملك، أي يرى أن طبيعة المال (غير قابل للتملك) هي نتيجة حتمية لتخصيص المال لاستعمال الجمهور مباشرًةً.
. الفرع 2 : معيار تخصيص المال للمرفق العام
يربط أصحاب هذا المعيار بين المال العام والمرفق العام، ويقررون أن المال العام يكتسب هذه الصفة إذا كان مخصصاً مباشرًةً لخدمة مرفق عام، ووسيلة لإدارته. ويتزعم هذا الاتجاه فقهاء مدرسة المرفق العام بزعامة "ديجي" ومعه "جيز" و"بونار".
غير أن الفقه انتقد هذا المعيار على أنه ضيق من ناحية ووسع من ناحية أخرى، إذ أن المعيار يخرج الكثير من الأموال المخصصة للاستعمال المباشر للجمهور طالما أنها غير موضوعة لخدمة أحد المرافق العامة، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، يوسع هذا المعيار من نطاق مفهوم المال العام، إذ يدخل فيه جميع الأموال المخصصة لخدمة الم ارفق العامة على اختلاف أنواعها، سواءً كانت هامة أو تافهة وثانوية كأدوات المكاتب والأقلام والأوارق.
وفي محاولة لتدعيم وتصويب هذا المعيار، وذلك بتجنب الانتقادات الموجهة له، اشترط "جيز" شرطين إضافيين حتى يعتبر المال المخصص للمرفق العام مالاً عاماً، وهما أن يكون المرفق مرفقاً عاماً جوهرياً، وأن يكون للمال المخصص لهذا المرفق الدور الرئيسي في سير المرفق وٕ إدارته.
وبناءً على ذلك استبعد "جيز" المنقولات المستخدمة في المرافق العامة من نطاق الأموال العامة ،كما استبعد المباني الحكومية من مجال الأموال العامة رغم تخصيصها للم ارفق العامة، وبذلك لا تعتبر دور القضاء ولا مباني المدارس والثكنات العسكرية أموالاً عامة.
ولم تنجح محاولة "جيز" في تغطية ما واجه المعيار من انتقادات، بل فتحت عليه أبواب جديدة للانتقاد، إذ أن الشرطين اللذين أضافهما تنقصهما الدقة والوضوح، لأنه لم يبين متى يعتبر المرفق العام جوهرياً ومتى لا يعتبر كذلك، ولم يوضح الحالات التي يعتبر فيها المال المخصص للمرفق العام قائم بالدور الرئيسي في إدارته، والحالات التي يعتبر فيها كذلك، كما أن إخراج المباني الحكومية من نطاق الأموال العمومية يجرد هذه الأموال المخصصة للمرافق العامة من الحماية القانونية المقررة للمال العام.
الفرع 3 : معيار تخصيص المال للمنفعة العامة
لتفادى الانتقادات الموجهة للمعيارين السابقين ،اتجه ال أري ال ارجع في الفقه والقضاء الفرنسي إلى الأخذ بمعيار مزدوج قوامه، التخصيص لاستعمال الجمهور والتخصيص للم ارفق العامة، وبذلك تكون الأموال العامة هي الأموال المخصصة للاستعمال المباشر للجمهور، بالإضافة إلى الأموال المخصصة لخدمة الم ارفق العامة، أي أنها الأموال المخصصة للمنفعة العامة بصفة عامة.
ونظراً لما يترتب على الأخذ بهذا المعيار من توسيع لنطاق المال العام، فقد حاول جانب من الفقه المؤيد لهذا المعيار وضع بعض الضوابط لتحديده، فاشترط العميد» موريس هوريو« أن يكون تخصيص المال العام للمنفعة العامة بقرار من الإدارة.
غير أنه أخذ على هذا الرأي أنه يعطي الإدارة سلطة تقديرية واسعة بشأن إلحاق صفة العمومية على المال العام. كما أن قرار الإدارة في هذا الصدد لا يعتبر خاصية من الخصائص التي تستوجب اعتبار المال عاماً، وٕ إنما هو وسيلة من جانب الإدارة لإضفاء الصفة العمومية على المال.
ولهذا، ذهب » مارسيل فالين« إلى أن المال الذي يستوجب اعتباره عاماً يجب أن يكون ضرورياً ولازماً لتسيير المرفق العام وأدائه لرسالته في تحقيق المصلحة العامة، بحيث لا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله بغيره، وٕإلا تعرض سير المرفق العام للاضطراب، والصالح العام للخطر.
المطلب 2 : معايير التمييز المعتمدة في القانون الجزائري
لدراسة معايير تمييز الأملاك العمومية للدولة عن أملاكها الخاصة في القانون الجزائري، لابد من الرجوع إلى أهم النصوص القانونية التي تنظم موضوع الملكية العامة، بدءاً بالدستور ثم القانون المدني ،وصولاً إلى قانون الأملاك الوطنية 09 – 03 المعدل و المتمم.
الفرع 1 : تعريف الأملاك العمومية في الدستور والقانون المدني
بالرجوع إلى المادة 81 من الدستور الجزائري لسنة 1989 المعدل سنة 2020 نجدها تنص :
"الملكية العامة هي ملك المجموعة الوطنية.
وتشمل باطن الأرض، والمناجم، والمقاطع، والموارد الطبيعية للطاقة، والثروات المعدنية الطبيعية والحية..."، في حين تنص المادة عشرون من الدستور نفسه : " الأملاك الوطنية يحددها القانون.
وتتكون من الأملاك العمومية والخاصة التي تملكها الدولة، والولاية، والبلدية.
يتم تسيير الأملاك الوطنية طبقاً للقانون"، فمن خلال هاذين النصين يلاحظ مايلي :
- الملكية العامة هي ملكية جماعية أي ملك للشعب عامة.
- تمثل الملكية العامة ملكية مجموعة هامة من الأموال والنشاطات.
تتكون الملكية العامة، والتي سمتها المادة 02 المذكو رة" بالأملاك الوطنية"، من الأملاك العمومية والخاصة التي تملكها الدولة وجماعاتها الإقليمية، وفي هذا تبني للتقسيم المزدوج للأملاك الوطنية.
- تحديد وتسيير الأملاك الوطنية سواءً العمومية أو الخاصة يتم بموجب قانون، فهذا من المجالات التي يشرع فيها البرلمان.
و بالرجوع الى القانون المدني، نظم المشرع الملكية العامة أساسا في المادة 688 والتي تنص : » تعتبر أموالا للدولة العقا ارت والمنقولات التي تخصص بالفعل أو بمقتضى نص قانوني لمصلحة عامة، أو لإدارة، أو لمؤسسة عمومية أو لهيئة لها طابع إداري، أو لمؤسسة اشتراكية، أو لوحدة مسيرة ذاتياً أو لتعاونية داخلة في نطاق الثورة الزارعية .«
الملاحظ هنا أن النص الرسمي باللغة العربية يستعمل مصطلح التخصيص » لمصلحة عامة «، في حين أن النص الأصلي باللغة الفرنسية استعمل مصطلح التخصيص » لاستعمال عام أو جماعي « (un usage collectif) لذلك يجب تصحيح النص الرسمي العربي باستعمال عبارة »لاستعمال جماعي «، أو » لاستعمال عام «، بدل »لمصلحة عامة«، ذلك أن هذا المصطلح الأخير يشكل معيار واسع يندرج فيه التخصيص لاستعمال عام والتخصيص لإدارة أو لمؤسسة عامة.
وعليه، فإن هذه المادة تتكلم عن أموال الدولة دون تمييز بين الأملاك العمومية والأملاك الخاصة، من جهة، ومن جهة أخرى فإن أموال الدولة هي مجموعة العقارات والمنقولات المخصصة فعلياً أو بموجب نص قانوني للمصلحة العامة (لاستعمال عام)، أو مخصصة لإدارة أو لمؤسسة عمومية أو لهيئة ذات طابع إداري...، أي المال أو الملك المخصص للمصلحة العامة، أو المخصص لهيئة معينة محددة في نص المادة المذكورة، وكأننا في إطار المعيار المزدوج في تعريف الأملاك العمومية، حيث من جهة المال العام هو المخصص لاستعمال الجمهور (استعمال عام)، أو المخصص لمرفق عام (لإدارة أو لمؤسسة عمومية...).
الفرع 2 : تعريف الأملاك العمومية في قانون الأملاك الوطنية
بالرجوع إلى قانون الأملاك الوطنية لسنة 1990 المعدل سنة 2008، يلاحظ أن المادة 2 منه تنص : »تشمل الأملاك الوطنية على مجموع الأملاك والحقوق المنقولة والعقارية التي تحوزها الدولة وجماعاتها الإقليمية في شكل ملكية عمومية أو خاصة، وتتكون هذه الأملاك الوطنية من :
- الأملاك العمومية والخاصة التابعة للدولة.
- الأملاك العمومية والخاصة التابعة للولاية.
- الأملاك العمومية والخاصة التابعة للبلدية.« .
في حقيقة الأمر يلاحظ أن هذه المادة تعتبر تفصيلاً للمادة عشرون الفقرة 2من الدستور المعدل سنة
2016 ، حيث عرفت الأملاك الوطنية بمشتملاتها، فهي مجموع الأملاك والحقوق المنقولة والعقارية التي تحوزها الدولة وجماعاتها الإقليمية في شكل ملكية عمومية أو خاصة، وفي هذا تأكيد على التقسيم المزدوج للأملاك الوطنية الذي تبناه الدستور.
في حين، وبالرجوع إلى المادة 3 من قانون الأملاك الوطنية نجدها تنص :»تطبيقاً للمادة 12 من هذا القانون، تمثل الأملاك الوطنية العمومية الأملاك المنصوص عليها في المادة 2 أعلاه والتي لا يمكن أن تكون محل ملكية خاصة بحكم طبيعتها أو غرضها.
أما الأملاك الوطنية الأخرى غير المصنفة ضمن الأملاك العمومية والتي تؤدي وظيفة إمتلاكية ومالية فتمثل الأملاك الوطنية الخاصة «.
انطلاقا من الفقرة الأولى من هذه المادة، يلاحظ أن المشرع عرّف الأملاك الوطنية العمومية بأنها مجموع الأملاك والحقوق المنقولة والعقارية التي تحوزها الدولة والولاية والبلدية في شكل ملكية عمومية ،والتي لا يمكن أن تكون محل ملكية خاصة بحكم طبيعتها أو غرضها ،أي أن المشرع تبنى معيار طبيعة المال كونه غير قابل للتمليك الخاص سواءً بحكم طبيعته أو غرضه، وهو المعيار نفسه، تقريباً، المستعمل في المادة538 من القانون المدني الفرنسي، غير أن المادة 3/1المذكورة تشمل العقارات والمنقولات.
أما بالرجوع إلى الفقرة 2 من المادة 3 المذكورة، يلاحظ أن المشرع عرّف الأملاك الوطنية الخاصة بالسلب، فهي غير المصنفة ضمن الأملاك العمومية والتي يمكن تملكها من قبل الخواص، ويظهر ذلك باستعمال عبارة » والتي تؤدي وظيفة إمتلاكية ومالية « .
وعليه، انطلاقاً من المادة 3 من قانون الأملاك الوطنية، يمكن القول أن المشرع قد أخذ بمعيار طبيعة المال في التمييز بين الأملاك الوطنية العمومية والأملاك الوطنية الخاصة، غير أنّه لم يستثني المنقولات كما فعل أصحاب هذا المعيار.
غير أنه، بالرجوع إلى المادة 21 المعدلة من قانون الأملاك الوطنية، نجدها تنص : »تتكون الأملاك
........القانون «.
يلاحظ من خلال نص المادة 12 أن المشرع أخذ بالمعيار المزدوج في تعريف الأملاك الوطنية العمومية، حيث تعتبر أملاك عمومية تلك الأملاك المنقولة والعقارية والحقوق، المخصصة لاستعمال الجمهور مباشرًةً أو عن طريق مرفق عام أي أخذ بمعيار تخصيص المال للمنفعة العامة.
غير أن المادة 21 استعملت صيغة تجعل الأموال المخصصة لمرفق الدفاع، لا تدخل في الأموال العامة، لأن الجمهور لا يستعملها بواسطة هذا المرفق، بل ويمنع عليه ارتياد الثكنات واستعمال أموالها. في حين أن هذا الأمر غير مقبول إطلاقاً، لذلك يجب أن تصاغ المادة 21 كما يلي :» تتكون الأملاك الوطنية العمومية من الحقوق والأملاك المنقولة والعقارية الموضوعة تحت التصرف المباشر للجمهور اوالمخصصة لمرفق عام ......«، فبهذه الصياغة هناك أموال مخصصة لاستعمال الجمهور، وهناك أموال مخصصة للمرافق العامة ومنها مرفق الدفاع الذي لا يستعمل الجمهور أمواله بأية طريقة كانت.
كما يلاحظ أن المادة 12 المذكورة، تشترط في الأموال المخصصة لمرفق عام أن تكون مطابقة بطبيعتها أو بتهيئة خاصة مع هدف المرفق. غير أن التهيئة الخاصة لا تلازم فقط الأموال المخصصة للمرافق العامة، بل تعتبر ضرورية حتى بالنسبة للأموال الموضوعة تحت التصرف المباشر للجمهور، ولو أخذنا على سبيل المثال حديقة عامة، فهي مخصصة لاستعمال الجمهور، لكنها لا تعد كذلك دون تهيئة خاصة.
كما يلاحظ أخيًراً على المادة 21 المذكورة، أنها في الفقرة الأخيرة منها تدخل في الأملاك العمومية الثروات والموارد الطبيعية المنصوص عليها في المادة 51 من قانون الأملاك الوطنية، أي أن المشرع لم يكتف بوضع معيار للتمييز بين الأملاك الوطنية العمومية والخاصة، بل راح يؤكد على الخصوص، بأن الثروات والموارد الطبيعية هي أملاك وطنية عمومية، وهذا تحديد تشريعي لا يحتاج إلى تطبيق المعيار المذكور في المادة 12.
وفي الأخير، نستنتج بالجمع بين المادتين 3 و 21 من قانون الأملاك الوطنية، أن المشرع أخذ من جهة بمعيار طبيعة المال، ومن جهة أخرى، بالمعيار المزدوج وهو تخصيص المال للاستعمال المباشر للجمهور وكذا تخصيصه للمرافق العامة، فإن لم يسمح لنا معيار بإضفاء الصفة العمومية على المال نرجع للمعيار الآخر، وٕإلا كان المال مالاً وطنيا خاصاً.
المبحث 2 : طبيعة حق الدولة والأشخاص العامة على الأموال العمومية
لم يختلف الفقه حول حق الدولة والأشخاص العامة الأخرى على أموالها الخاصة، إذ لا يختلف ذلك الحق عن حق ملكية الأفراد لأموالهم، التي يحكمها القانون الخاص. ولكن الخلاف ثار حول طبيعة هذا الحق بالنسبة للأموال العامة.
لقد أنكر معظم الفقه في بداية الأمر أن للدولة والأشخاص العامة الأخرى على أموالها العامة حق ملكية. ويذهب الفقه المعاصر إلى الإقرار بحق الملكية للدولة والأشخاص العامة على الأموال العامة ،ولكن هذا الفقه انقسم على نفسه في تكييف هذا الحق .
المطلب 1 : إنكار ملكية الدولة لأموال العمومية
ساد هذا الإتجاه خلال القرن 91 وأوائل القرن 20، ويمكن تقسيم فقهاء هذا الإتجاه إلى فريقين ،فريق أنكر ملكية الدولة استناداً إلى أحكام القانون المدني، وفريق ارتكز على إنكار الشخصية القانونية للدولة وحقها في اكتساب الحقوق.
الفرع 1 :إنكار ملكية الأموال العمومية استناداً للقانون المدني
ذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى أنه إذا كان حق الملكية في القانون المدني يعني اختصاص مالك الشيء به، اختصاصا يمنع الغير من الانتفاع به، لأن هذا الانتفاع مقصور على شخص مالكه، فإنه ليس للدولة حق الملكية على الأموال العامة.
ويعتبر الفقيه »برودون« رائد هذا الإتجاه، حيث يرى بأن المال العام ليس من الإمكان تملكه بأي وسيلة نظرًا لعدم توافر عناصر الملكية الثلاث بالنسبة له، وهي التصرف والاستعمال والاستغلال، إذ لا يمكن التصرف في المال العام، كما أن الاستعمال والاستغلال مقررين للأفراد لا للشخص العام، وعلى هذا ينكر هذا الاتجاه حق الملكية على الأموال العامة ويقتصر حق الشخص العام على هذه الأموال على الإشراف والرقابة.
وفي حقيقة الأمر، هذا الاتجاه لفقهاء القانون الخاص في فرنسا، ولقد اعتنقه العديد من الفقهاء الفرنسيين كالأستاذ ديكروك والأستاذ بيرتلمي.
الفرع 2 : إنكار ملكية الأموال العمومية استناداً لإنكار الشخصية القانونية للدولة
لقد أسس فقهاء القانون العام إنكار ملكية الدولة للأموال العمومية إستنادا لرفضهم وٕإنكارهم لفكرة الشخصية المعنوية للدولة، مع العلم أنه من نتائج هذه الشخصية المعنوية التمتع بذمة مالية مستقلة، وٕإذا رفضنا هذه الشخصية فلا تكون للشخص العام ذمة مالية، وبالتالي فلا يملك المال العام ولا المال الخاص على حد تعبير ديجي والذي تزعم هذا الإتجاه، رفقة الفقيهين » جيز«و »بونار«.
إذ يرى العميد »بونار« أن الفقه قد خلط بين العناصر المادية للدولة، وهي الشعب والإقليم والسلطة السياسية، والعناصر القانونية المجردة، ويرى تبعاً لذلك أنه لا توجد ضرورة تحتم الأخذ بفكرة الشخصية القانونية بصفة عامة.
رغم اختلاف هذا الإتجاه عن الإتجاه الأول في الأساس المرتكز عليه لإنكار ملكية الدولة للأموال العمومية، إلا أنهما ينتهيان إلى النتيجة نفسها، وهي أن حق الدولة والأشخاص العامة على الأموال العامة هو حق إش ارف ورقابة.
المطلب 2 : الاعتراف بملكية الدولة للأموال العمومية
يتجه الففه والقضاء المعاصريين إلى الإقرار بحق الدولة والأشخاص العامة الأخرى في ملكية الأموال العامة ، وليس مجرد حق الإشراف والرقابة والحفظ لهذه الأموال.
الفرع 1 : تكييف حق ملكية الدولة
إن هذا الاعتراف السائد فقهاً وقضاءً، يرتكز على أن حق ملكية الدولة للأموال العمومية هو حق ملكية عادية مقيد بفكرة تخصيص المال العام للنفع العام، في حين سبق هذا ال رأي رايٌ آخر يرتكز على فكرة حق الملكية الإدارية.
الفقرة 1 : الإعتراف استناداً لحق الملكية الإدارية
يرى أصحاب هذا الاتجاه أن حق الدولة على الأملاك العامة هو حق ملكية إدارية، فبعدما رفضوا الآراء التي ذهبت إلى أن حق الشخص العام على الدومين العام هو حق إشراف ورقابة، ذهبوا إلى القول بأن حق الدولة على الأموال العامة أقوى من ذلك بكثير، فهو حق ملكية ولكنه من نوع خاص يسميه الفقيه »هوريو« : حق ملكية إدارية ( ( une propriété administrative. وهذا الحق ليس كالملكية الخاصة التي ينظمها القانون المدني بالنسبة للأفراد، ولكنها ملكية يضع حدودها القانون الإداري مراعياً في ذلك خصائص المال العام. ومؤدى هذا الرأي أن فكرة الملكية وٕ إن كانت منقولة أساساً من القانون الخاص، إلا أن مدلولها قد تطور وتحور إلى حد كبير كسائر الأفكار المنقولة من القانون المدني، فهذه الأموال العامة بالرغم من أنها مملوكة للشخص العام، إلا أنها لا تقبل مثلاً البيع، كما لا تقبل تحمل أي حق عيني عليها، وذلك خلافاً للملكية الخاصة.
وعند التأمل في هذا الرأي نجده يفقد أصالته الظاهرية، لأن أنصاره ينتهون إلى القول بأن الملكية التي يتمتع بها الشخص العام على أمواله،إنما يجب أن تستبعد من نتائجها كل ما يتعارض مع فكرة التخصيص.
الفقرة 2 : الاعتراف استناداً لفكرة التخصيص للنفع العام
إن هذا الإتجاه هو السائد فقهاً وقضاءً، ويتركز على أن حق الشخص العام على الأملاك العامة هو حق ملكية عادية، غير أنه مقيد بفكرة تخصيص المال للنفع العام، فالإدارة لها على أموال الدومين العام حق ملكية لا يختلف في جوهره عن حق الملكية الخاص، ولكن الخلاف ينحصر في نطاق هذا الحق ومضمونه، فأحياناً يكون هذا الحق أضيق من حقوق الأف ارد، كما هو الحال بالنسبة لمنع الشخص الإداري من التصرف في المال العام تصرفاً من التصرفات المدنية مادام تخصيص المال للمنفعة العامة قائماً، وأحياناً يكون نطاق هذا الحق أوسع، كما هو الحال في حماية هذا المال العام بالتشريعات الجنائية وتشديد العقوبة على من يرتكب إحدى جرائم الأموال العامة .
الفقرة 3 : التكييف القانوني لحق ملكية الدولة
لقد بحث في هذه المسألة الأستاذ الجزائري » يحياوي أعمر«، والذي وجه انتقادات للاتجاهات السابقة في تكييف حق الدولة على المال العام، وذلك في كتابه » نظرية المال العام «، وحاول تكييف حق الدولة استناداً إلى أحكام الدستور والقانون المدني، وسنعرض أريه في ما يلي :
((تنص المادة (71 ف1) من الدستور على أن» الملكية العامة هي ملك المجموعة الوطنية...«.
وتقضي المادة (692 ف2) من القانون المدني الجزائري بأن : (وتعتبر جميع موارد المياه ملكا للجماعة الوطنية).
يستفاد من هذين النصين أن الأموال العامة ترجع ملكيتها إلى كل أفراد الرعية الذين يستعملونها مباشرة أو بواسطة مرفق عام، فهم حين يتصرفون فيها، إنما يمارسون حرية عامة غير مقيدة سوى بالقيود التي يفرضها القانون والتي تستهدف أساسا حمايتها وضمان حرية الآخرين في استعمالها.
لكن هناك من سلطات ما يتعذر على الجمهور القيام بها في إطار تسيير وٕ إدارة الأموال العامة ،لذلك لابد من هيكل منظم يتولى هذه السلطات حتى تؤتي هذه الأموال منافعها لصالح الرعية، وهنا تبرز الأشخاص العامة للقيام بهذه المهام.
بناءً على ذلك، فإن التكييف القانوني الذي يمكن اعتباره الأمثل، هو أن نعتبر الأشخاص العامة وكلاء عن الرعية في تسيير وإدارة الأموال العامة. لكن ما مدى انطباق الوكالة على الأموال العامة ؟
الوكالة هي تفويض الغير للقيام بعمل ما لحساب المفوض أو الموكّل. وٕإذا حاولنا تطبيق ذلك على الأموال العامة، فسنجد الموكّل هنا هو الجماعة الوطنية التي تملك هذه الأموال، والوكلاء هم الأشخاص العامة، أما العمل محل الوكالة، فهو تسيير وٕإدارة الأموال العامة، والصيغة التي تمت بها الوكالة هي قانون الأملاك الوطنية الذي يحكم الأموال العامة، والذي وافقت عليه الرعية بواسطة ممثليها المنتخبين في المجلس التشريعي.
وهناك نوعان من الوكالة : وكالة خاصة تخول الوكيل القيام بعمل ما دون غيره، ووكالة عامة تنصب على جميع أعمال الإدارة دون التصرف.
إن الوكالة المنطبقة على الأموال العامة هي الوكالة العامة، لأن قانون الأملاك الوطنية حظر على الأشخاص العامة القيام بأعمال التصرف التي تمس الأموال العامة ومكنها من القيام بأعمال تسيير وٕإدارة هذه الأموال فقط...
وهكذا فالوكالة العامة تفسر قاعدة منع التصرف، أما الملكية التي أقرها الفقه الحديث، فتتعارض تعارضاً صارخاً مع قيد حظر التصرف )).
الفرع 2 : حجج الاعتراف بملكية الدولة للأموال العمومية
لقد دعم الفقه المعترف للدولة بحق الملكية على الأموال العمومية، موقفه بعدة حجج، نذكر منها :
1‑إذا كان التصرف في الأموال العامة ممنوعاً على الأشخاص العامة، فذلك تستدعيه المصلحة العامة التي من أجلها تم تخصيص هذه الأموال، ولا يتعارض هذا القيد مع فكرة الملكية، لأن الملكية الفردية كذلك ترد عليها قيود كثيرة تستهدف وضع حدود لتعسف المالك، أو تمنعه من التصرف كما في حالة الشرط المانع من التصرف، أو تحد من انتفاعه بملكيته بموجب حقوق الإرتفاق المقررة لصالح الغير.
2‑ يرى الفقه الحديث أن عناصر الملكية الثلاثة، الإستعمال، الاستغلال والتصرف متوافرة بالنسبة لسلطة الدولة على الأموال العامة، إذ تمارس الدولة بالفعل حق الاستعمال على المال العام، ويكون مقصوراً
عليها في بعض الأحيان، كما هو الحال بالنسبة للثكنات العسكرية، وقد يكون للأف ارد استعماله كما هو الشأن بالنسبة للأموال المخصصة للم ارفق العامة، وكل هذا ليس فيه تعارض مع حق الملكية، إذ أن للأفراد الملاك حق ترك الآخرين يستعملون هذا المال.
كما أن حق الإستغلال، وٕإن كان ليس هدفاً أساسياً بالنسبة للمال العام، إلا أن هذا الأخير قابل لهذا الإستغلال، وهناك من الأموال العامة ما يدر بالفعل ثمارا مدنية .
وأخيًرا، فإن منع التصرف في المال العام يرجع – كما قلنا سابقا – إلى تخصيصه للمنفعة العامة ،ومن الجائز التصرف فيه بعد زوال هذا التخصيص، وهذا يؤكد أن حق الدولة والأشخاص العامة على الأموال العامة هو حق ملكية.
3‑من المبادئ المسلم بها أن المال الذي لا مالك له مال مباح، ولا يستطيع أحد أن يقول بأن المال العام مال مباح، لأن القول بذلك يؤدي إلى نتائج عكسية لما يتوخاه المشرع من إسباغ حمايته على الأموال العامة.
4-حين يستعمل الجمهور المال العام فكأن الشخص العام هو الذي يستعمله، لأن الدولة والجماعات المحلية ما هي إلا ممثلة للرعية.
الفرع 3: نتائج ثبوت حق ملكية المال العام
في حقيقة الأمر، لا توجد فائدة مطلقة من إنكار حق الدولة والأشخاص المعنوية العامة الأخرى في ملكية المال العام، بل على العكس من ذلك تماماً، فإن القول بملكية هذا المال للشخص العام له أهمية كبرى، كما يترتب عليه نتائج عملية هامة، وتتمثل فيما يلي :
1- حل الكثير من المسائل التي يثيرها نظام الدومين العام والتي لا تكفي فكرة التخصيص وحدها لحلها ،مثال ذلك معرفة الشخص المكلف بصيانة أموال الدومين العام، وكذا الشخص المسؤول عن الأضرار الناتجة عن استخدامها، ففكرة الملكية تفيد في مثل هذه الحالات، لأن مالك هذا المال، وهو الشخص المعنوي العام، يلتزم بصيانة هذا المال، كما أنه يلتزم بتعويض الأضرار التي قد تلحق الأفراد جرّاء الإهمال في صيانة المال العام.
2 ‑يلتزم الشخص العام بصيانة المال العام والحفاظ عليه، كما يكون له الحق في حمايته وذلك عن طريق رفع دعوى الاستحقاق، وكذلك دعاوى الحيازة أو وضع اليد، وحق المطالبة بالتعويض ممن اعتدى على المال العام وأصابه بأضرار.
3‑إن فكرة الملكية تتفق مع الاتجاهات الحديثة في موضوع الأموال العامة، لأن هذه الاتجاهات ترمي إلى الانتفاع الاقتصادي بهذه الأموال باعتبارها ثروات جماعية، وعلى ذلك، فإن الشخص الإداري يملك الثمار التي ينتجها المال العام إذا كان مثمرًا، كما يدخل في ذمته ثمن المال العام ببيعه إذا ألغي تخصيصه للنفع العام .
المبحث 3 : تقسيمات أو مشتملات الأملاك العمومية
هناك عدة تقسيمات للأملاك الوطنية العمومية، فيمكن تقسيمها بالنظر إلى طبيعة الأملاك، فنجد أملاك عقارية وأملاك منقولة، كما يمكن تقسيمها بالنظر إلى طبيعة التخصيص، فنجد أملاك مخصصة لاستعمال الجمهور وأملاك مخصصة للم ارفق العامة. كما يمكن تقسيمها بالنظر إلى الأشخاص العمومية التي تملكها فنجد الأملاك العمومية التي تملكها الدولة والتي تملكها جماعاتها الإقليمية.
غير أن التقسيم التقليدي للأملاك الوطنية العمومية يرتكز على مشتملاتها فنجد الأملاك العمومية الطبيعية والأملاك العمومية الاصطناعية، فيقصد بالأولى أن وجود وحالة بعض الأملاك ناتجة عن الظواهر الطبيعية (جغرافية وفيزيائية )، بينما الثانية فتنتج عن طريق تدخل الإنسان.
فإذا كان المال طبيعياً دخل ضمن الأموال العمومية متى توفرت فيه الشروط المطلوبة منذ لحظة اكتساب ملكيته. أما إذا كان اصطناعيا فلا يدخل في الأملاك العمومية بمجرد اكتساب ملكيته، بل ينبغي تخصيصه لاستعمال الكافة (الجمهور) أو للخدمة العامة بمقتضى تصرف أو عمل قانوني يقرر هذا التخصيص صراحةً أو ضمناً، ويجب فضلاً عن ذلك أن يتم التخصيص بالفعل وٕإلا كان التصرف أو العمل القانوني باطلاً .
بالرجوع إلى المادة 02 من الدستور الجزائري نجدها تقسم الأملاك الوطنية بحسب الهيئات أو الأشخاص المالكة، فنجد الأملاك العمومية والخاصة التي تعود للدولة والتي تعود للولاية والتي تعود للبلدية.
غير أنه عندما قسم المشرع الأملاك الوطنية العمومية، أخذ بالتقسيم التقليدي، أملاك عمومية طبيعية وأملاك عمومية اصطناعية، ويظهر ذلك من خلال المادة 41 من قانون الأملاك الوطنية.
المطلب 1 : الأملاك العمومية الطبيعية :
بالرجوع إلى المادة 51 من قانون الأملاك الوطنية نجدها تنص : »تشمل الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية خصوصاً على ما يأتي :
- شواطئ البحر ،
- قعر البحر الإقليمي وباطنه ،....الخ
يلاحظ من خلال هذه المادة أن المشرع لم يحدد مشتملات الأملاك العمومية الطبيعية على سبيل الحصر، وٕإنما أعطى مجموعة من هذه الأملاك والتي تعتبر طبيعية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يلاحظ أن المشرع هو الذي أعطى الوصف للأملاك المذكورة في المادة 51 السابقة بأنها أملاك عمومية طبيعية، أي الوصف التشريعي ولا يحتاج الأمر إلى قرار من الإدارة لإعتبارها كذلك أو غير ذلك.
ومن خلال المادة 15 المذكورة يلاحظ أنها تضمنت الأقسام التالية :
الفرع 1 : الأملا ك العمومية البحرية
الدومين العام البحري يرجع في كامله إلى الدولة، وهو يتكون من شواطئ البحر، وقعر البحر وباطنه والمياه البحرية الداخلية، وطرح البحر ومحاسر، ويقصد بطرح البحر الفضاءات التي ت ارجعت عنها البحار بصفة نهائية والتي لم تعد تغطي الجزء الأكبر العائم، في حين أن المحاسر هي الأراضي المتقطعة بفعل عمل البحر بتراجعه ولم تعد مغطاة بالمياه.
ولقد عرفت الأملاك الوطنية العمومية البحرية عدة تطوارت وتوسع كما عرفت تطوراً في تنظيمها .
الفرع 2 : الأملاك العمومية النهرية
وتتكون من مجاري المياه ورقاق المجاري الجافة، والجزر التي تتكون داخل رقاق المجاري والبحيرات والمساحات المائية الأخرى أو المجالات الموجودة ضمن حدودها كما يعرفها قانون المياه.
وبالرجوع إلى قانون المياه رقم 50/12، يلاحظ أن المادة 4 منه تتكلم عن الأملاك العمومية الطبيعية للمياه، حيث تتكون هذه الأخيرة من :
- المياه الجوفية بما في ذلك المياه المعترف بها كمياه المنبع والمياه المعدنية الطبيعية ومياه الحمامات بمجرد التأكد من وجودها أو اكتشافها، خاصة بعد الانتهاء من أشغال الحفر أو التنقيب الإستكشافية مهما كانت طبيعتها، المنجزة من طرف كل شخص طبيعي كان أو معنوي، خاضع سواءً للقانون العام أو الخاص.
- المياه السطحية المشكلة من الوديان والبحيرات والبرك والسبخات والشطوط وكذا الأراضي والنباتات الموجودة في حدودها......
من هنا يلاحظ أن المشرع، في قانون الأملاك الوطنية، لم يحدد كل أنواع الأملاك العمومية الطبيعية، وٕإنما أعطى أمثلة عنها، والباقي يحدد في مختلف النصوص القانونية ذات الشأن، ومن بينها قانون المياه كما أرينا.
ويمكن القول، بالنسبة للدومين العام النهري، أن ملكيته تعود للدولة، كما أنه عرف نفس التطور الذي عرفه الدومين العام البحري.
الفرع 3 : الد ومين العام الجوي والثروات الطبيعية
بالنسبة للدومين الجوي فقد اختلف ال أري حول الفضاء الجوي الخاضع لسيادة الدولة فذهب أري إلى القول بأنه مال لا مالك له، ولكن هذا ال أري مرجوح لأن الرأي الراجح هو الذي يرى أن الفضاء الجوي يدخل في الدومين العام ويخضع لسيادة الدولة المطلقة.
ومهما كان أمر هذا الخلاف، فإن المشرع الجزائري في المادة 15 من قانون الأملاك الوطنية إعتبر المجال الجوي الإقليمي ملكا عاما طبيعيا.
أما بالنسبة للثروات الطبيعية، فقد حددها المشرع في المادة 51 المذكورة، وهي تشمل الث روات والموارد الطبيعية السطحية والجوفية المتمثلة في الموارد المائية باختلاف أنواعها، والمحروقات السائلة منها والغازية والثروات المعدنية الطاقوية والحديدية، والمعادن الأخرى أو المنتوجات المستخرجة من المناجم والمحاجر والثروات البحرية، وكذا الثروات الغابية ال واقعة في كامل المجالات البحرية من الت ارب الوطني في سطحه أو جوفه و/أو الجرف القاري والمناطق البحرية الخاضعة للسيادة الجزائرية أو لسلطتها القضائية، نذكر على سبيل المثال في الثروات البحرية المرجان المستخرج من البحر فهو يعتبر ملك عمومي طبيعي.
وتجدر الإشارة أن صاحب الأرض التي يكتشف بها أحد المناجم ليس له أي حق عليها وكل ماله عندئذٍ هو المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تنتج لسطح الأرض أو من حرمانه من الإنتفاع بها.
المطلب 2 : الأملاك العمومية الإصطناعية
حدد المشرع الأملاك العمومية الإصطناعية انطلاقا من المادة 16 من قانون الأملاك الوطنية والتي تم تعديلها سنة 2008، حيث تنص : »تشمل الأملاك الوطنية العمومية الإصطناعية خصوصاً على ما يأتي :
- الأراضي المعزولة اصطناعيا عن تأثير الأمواج ،
- السكك الحديدية وتوابعها الضرورية لاستغلالها ، ....الخ
يلاحظ أن المشرع عدل المادة 16 بموجب قانون 80/41 المعدل لقانون الأملاك الوطنية
90 -30، حيث أضاف "الحظائر الأثرية"، و"الأشياء والأعمال الفنية المكونة لمجموعات التحف المصنفة"(1)، كما أضاف "المعطيات المترتبة عن أعمال التنقيب والبحث المتعلقة بالأملاك المنجمية للمحروقات". كما يلاحظ أن المشرع حدد مشتملات للأملاك العمومية الإصطناعية تتعلق بالدومين العام البحري كالموانئ المدنية والعسكرية وتوابعها لحركة المرور البحرية، وأخرى تتعلق بالدومين العام الجوي كالموانئ الجوية والمطا ارت المدنية والعسكرية.
في حين أنه أضاف أملاك عمومية اصطناعية أخرى، تتمثل في الدومين العام البري، هذا الأخير لا تعتبر كل مشتملاته أملاك عمومية اصطناعية، بل لابد أن تستجيب – في فرنسا - إلى معايير وضعها القضاء : التهيئة الخاصة والتخصيص المباشر لاستعمال الجمهور أو التخصيص لخدمة مرفق عام(2)، في حين أن المشرع من خلال المادة 16 المذكورة اشترط في بعض الأحيان » الإنجاز لغرض المنفعة العمومية «، وفي أحيانٍ أخرى »التهيئة لإنجاز مرفق عام «.
ومن أمثلة الدومين العام البري نجد – حسب المادة 61 – السكك الحديدية وتوابعها، الطرق العادية والسريعة وتوابعها، الحدائق المهيأة والبساتين العمومية، المباني العمومية. كما يلاحظ على المادة 61 المذكورة، أن المشرع نص على مشتملات يمكن أن نصنفها في إطار الدومين العام الثقافي كالأعمال الفنية ومجموعات التحف المصنفة، الآثار العمومية والمتاحف والأماكن والحظائر الأثرية، حقوق التأليف وحقوق الملكية الثقافية الآيلة إلى الأملاك الوطنية العمومية هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تكلم المشرع عن الأملاك العمومية الإصطناعية المتعلقة بالثروات الطبيعية، ونذكر هنا المعطيات المترتبة عن أعمال التنقيب والبحث المتعلقة بالأملاك المنجمية للمحروقات .
كما يلاحظ أخيرًا أن المشرع، ومن خلال المادة 16 المذكورة، لم يحدد الأملاك العمومية الإصطناعية على سبيل الحصر، وٕإنما أورد أمثلة عنها باستعماله عبارة » خصوصاً على ما يأتي «، لذلك قد نجد تحديد لأملاك عمومية اصطناعية أخرى في قوانين أخرى، وعلى سبيل المثال ما ورد في المادة 61 من قانون المياه 50-21 المذكورة سابقاً، حيث نصت هذه المادة :»تخضع المنشآت والهياكل التي تنجزها الدولة والجماعات الإقليمية أو تنجز لحسابها للأملاك العمومية الإصطناعية للمياه، لاسيما ما يلي :
- كل المنشآت والهياكل المنجزة قصد البحث عن الموارد المائية ومعاينتها وتقييمها الكمي والنوعي .... ،
حيث قام المشرع بسرد مجموعة من المشتملات وهي مذكورة على سبيل المثال، من جهة، ومن جهة أخرى يمكن إدخالها في الدومين العام الإصطناعي النهري.
الفصل 2 : النظام القانوني للأملاك العمومية
يقصد بالنظام القانوني للأملاك الوطنية العمومية مجموعة من القواعد القانونية التي تستهدف تمكين الدولة وغيرها من الأشخاص الإدارية العامة من استعمال المال العام على النحو الذي يتحقق معه الهدف المرجو من تخصيص هذا المال للمنفعة العامة، وعلى ذلك سوف ندرس كيفية تكوين الأملاك العمومية ثم كيفية استعمال هذه الأملاك وأخيراً الحماية القانونية لهذه الأملاك .
المبحث 1 : تكوين الأملاك الوطنية العمومية
تقام الأملاك الوطنية- حسب قانون الأملاك الوطنية - بالوسائل القانونية أو بفعل الطبيعة، وتتمثل الوسائل القانونية في تلك الوسيلة القانونية أو التعاقدية التي تضم بمقتضاها أحد الأملاك إلى الأملاك الوطنية. ويتم اقتناء الأملاك التي يجب أن تدرج في الأملاك الوطنية بعقد قانوني وذلك حسب مايلي :
- طرق الاقتناء التي تخضع للقانون العادي: العقد، التبرع، والتبادل والتقادم والحيازة، وهذه تعتبر طرق عادية للإقتناء.
- طريقان استثنائيان يخضعان للقانون العام وهما نزع الملكية وحق الشفعة .
هذا بصفة عامة، غير أن تك وين الأملاك الوطنية العمومية يمكن أن يتفرع إلى إجراءين متميزين ،وهما : إما تعيين الحدود وٕإما التصنيف وهما إجراءان يؤديان إلى إد ارج الأملاك في طائفة الأملاك الوطنية العمومية.
المطلب 1 : الإدارج في الأملاك الوطنية العمومية
يكون الإد ارج في الأملاك العمومية بواسطة تعيين الحدود والتصنيف، وحتى يكون هذين الأخيرين مقبولين يجب أن يسبقهما الإقتناء باعتباره حدثاً معيناً، يترتب عليه التملك القبلي للملك الذي يجب أن يدرج في الأملاك الوطنية العمومية .
وتختلف عملية الإد ارج في الأملاك العمومية حسب طبيعة الملك : حيث يثبت الإد ارج في الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية بالعملية الإدارية لتعيين الحدود، في حين يكون الإد ارج في الأملاك الوطنية العمومية الإصطناعية على أساس الإصطفاف بالنسبة لطرق المواصلات وعلى أساس التصنيف حسب موضوع العملية .
وتنفرد السلطة المختصة بأعمال التحديد والتصنيف والتصفيف التي تجسد عملية إد ارج الأملاك العقارية في الأملاك العمومية، وهذا ما نصت عليه الفقرة 2 من المادة 3 من المرسوم التنفيذي رقم 21- 427 المؤرخ في 61/21/2012المحدد لشروط وكيفيات إدارة وتسيير الأملاك العمومية والخاصة التابعة للدولة المقصودة بالنسبة للأملاك الأخرى.
الفرع 1 : تعييـن الحدود
عرّف المشرع تعيين الحدود في المادة 92/1 من قانون الأملاك الوطنية 09-30، وذلك كما يلي:
»تعيين الحدود هو معاينة السلطة المختصة لحدود الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية «.
ويتكون المجالان البحري والنهري بحكم الطبيعة ويدرجان تلقائياً في الأملاك العمومية الطبيعية، ولا يُعد تدخل الإدارة من أجل وضع حدود هذه الأملاك إلا مجرد تقرير حالة سابقة مفروضة من الظواهر الطبيعية، لذا تنص المادة 29/3 من قانون الأملاك الوطنية بأن هذه العملية تكتسي طابعاً تصريحياً .
ولقد قسم المرسوم التنفيذي 21-427 المذكور، عملية تحديد أو تعيين حدود الأملاك العمومية الطبيعية إلى تعيين حدود الأملاك العمومية البحرية الطبيعية، وتعيين حدود الأملاك العمومية المائية الطبيعية.
الفقرة 1 : تعيين حدود الأملاك العمومية البحرية
انطلاقاً من المادة 8 من المرسوم التنفيذي 21-427، فإن الوزير المختص، يضع، وبالتشاور مع السلطات المحلية، برنامجاً لتعيين حدود الأملاك العمومية البحرية الطبيعية ويسهر على تطبيقه.
تقدر حدود البحر وتعاين من جهة الأرض، ابتداءً من حد الشاطئ الذي تبلغه الأمواج في أعلى مستواها خلال السنة وفي الظروف الجوية العادية، وتعد مساحة الشاطئ التي تغطيها الأمواج على هذا النحو جزًءً لا يتج أز من الأملاك العمومية البحرية الطبيعية.
ويثبت الوالي المختص إقليميا بقرار هذا الحد بعد إجراء معاينة علنية، وهذه الأخيرة تتم بمبادرة مشتركة بين ا المختصة عندما تصل الأمواج إلى أعلى مستواها، ويترتب على ذلك إعداد محضر معاينة.
وانطلاقا من علنية المعاينة، يحضر المجاورون العموميون أو الخواص، وذلك بعد إخبارهم بإجراء المعاينة، فيقوموا بتسجيل ملاحظاتهم وحقوقهم وٕ إدعاءاتهم، خلال هذا الإ
جراء، كما تجمع آراء المصالح أو الإدارات المطلوبة قانوناً.
وبعد المعاينة العلنية، فإن الحدود تضبط بقرار يصدر، بحسب الحالة، إن كانت هناك اعت ارضات من الغير أو لم تكن هناك أي اعت لإدارة المكلفة بالشؤون البحرية وٕ إدارة الأشغال العمومية، وتقوم بإجراء المعاينة المصالح التقنية المختصة عندما تصل الأمواج إلى أعلى مستواها، ويترتب على ذلك إعداد محضر معاينة.
وانطلاقا من علنية المعاينة، يحضر المجاورون العموميون أو الخواص، وذلك بعد إخبارهم بإجراء المعاينة، فيقوموا بتسجيل ملاحظاتهم وحقوقهم وٕإدعاءاتهم، خلال هذا الإجراء، كما تجمع آ راء المصالح أو الإدارات المطلوبة قانوناً.
وبعد المعاينة العلنية، فإن الحدود تضبط بقرار يصدر، بحسب الحالة، إن كانت هناك اعتراضات من الغير أو لم تكن هناك أي اعت ارضات، ففي حالة انعدام الإعتراضات المعتبرة فإن الوالي المختص محلياً يصدر قرارًا يضبط فيه الحدود البرية للأملاك العمومية البحرية مع تبليغه إلى مدير أملاك الدولة المختص إقليميا. أما في الحالة العكسية وبانعدام الت ارضي، تضبط الحدود بقرار وازري مشترك بين الوزير المعني أو الوزاراء المعنيون والوزير المكلف بالمالية.
وانطلاقا من المادة 9/1 من المرسوم التنفيذي 12 -427 المذكور، يعد قرار ضبط الحدود القانوني تصريحاً، وهو يثبت أن المساحات التي غطتها الأمواج في أعلى مستواها قد أدرجت فعلاً في الأملاك العمومية بسبب الظواهر الطبيعية.
ولقد أكدت المادة 21 من المرسوم التنفيذي 21-427 بأن طروح البحر ومحاسره هي أملاك عمومية بحرية، وذلك بعد أن قامت بتعريفها.
الفقرة 2 : تعيين حدود الأملاك العمومية المائية
تبين عملية تعيين حدود الأنهار حين تبلغ المياه المتدفقة أعلى مستواها حدود المساحات التي تغطيها مجاري المياه أو البحيرات ولقد حدد المرسوم التنفيذي 21-427 إجراءات تعيين حدود الأملاك العمومية المائية وذلك من خلال المواد 71 إلى 42 منه، وتتمثل هذه الإجراءات فيما يلي :
يضبط الوالي المختص إقليمياً، بموجب قرار، حدود مجرى السواقي والوديان بعد معاينة أعلى مستوى تبلغه المياه المتدفقة تدفقاً قوياً دون أن تصل حد الفيضان خلال السنة في الظروف الجوية العادي تجرى هذه المعاينة خلال تحقيق إداري تقوم به المصالح التقنية المختصة في مجال الري وٕ إدارة أملاك الدولة، وتسجل أثناء ذلك ملاحظات الغير وٕإدعاءاته، وتجمع أراء المصالح العمومية المعنية الأخرى الموجودة في الولاية.
ويتخذ الوالي قرار ضبط الحدود بناءً على ملف معد لهذا الغرض في حالة انعدام اعت ارضات معتبرة ثم تبلغ لكل مجاور معني، أما إذا حصل اعت ارض معتبر وتعذر حصول التراضي، تضبط الحدود بقرار وزاري مشترك بين الوزير المكلف بالري ووزير المالية و/أو الوزارء المعنيين الآخرين .
أما بالنسبة لتعيين حدود رقاق مجاري المياه، فإن الوالي يضبطها بموجب قرار، بعد القيام بتحقيق إداري مماثل للتحقيق السابق ذكره، تبعاً للخاصيات الجهوية، إذا كان منسوب سيلانها غير منتظم، وكان أعلى مستوى المياه في السنة لا يبلغ حدود التدفق الأقوى. هذا الإجراء ينطبق كذلك على رقاق مجاري المياه الجافة .
أما بالنسبة لحدود الأملاك العمومية المائية الطبيعية التي تتكون من البحيرات والمستنقعات والسباخ والغوط، فإنها تضبط بقرار من الوالي المختص إقليميا أو الولاة المختصون إقليمياً، وذلك على أساس أعلى مستوى تبلغه المياه التي يمكن أن تضاف إليها القطع الأرضية المجاورة التي يقدر عمقها حسب خاصيات الجهة المعنية وتبعاً لحقوق الغير.
هذه الحدود تضبط بعد القيام بتحقيق إداري تبادر به المصالح التقنية المختصة بمجال الري وٕإدارة أملاك الدولة، كما تجمع خلال التحقيق آ راء المصالح العمومية المعنية الموجودة في الولاية وما قد يرد من ملاحظات الغير المعني بالعملية.
وٕإذا كشف ضبط الأملاك العمومية المائية وجود صعوبات تقنية معقدة يمكن أن يستعان بلجنة استشارية من الخبراء، تحت إشراف وزير الري، لضبط المقاييس والثوابت التي تساعد الوالي على اتخاذ القرار المناسب.
الفرع : 2 التصنيف والاصطفاف
لقد عرف المشرع التصنيف في المادة/31الفقرة 1 م ن قانون الأملاك الوطنية، التي تنص :«التصنيف هو عمل السلطة المختصة الذي يضفي على الملك المنقول أو العقار طابع الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية.» .
فالتصنيف هو عمل قانوني أو حالة واقعية بمقتضاها يندرج المال في صنف الأملاك العامة الاصطناعية.
ولكن هذا الإجراء لابد أن يسبقه إجراء آخر وهو حيازة الشخص العام (الدولة أو الجماعات الإقليمية) الملك المراد تصنيفه. وتكون هذه الحيازة إما بطريقة من طرق القانون الخاص (كالشراء ) ، واما بأسلوب القانون العام (نزع الملكية للمنفعة العامة).
وبعد هذه الحيازة، يجب أن يكون والتبادل) العقار المطلوب تصنيفه ملكاً مؤهلاً ومهيئاً للوظيفة المخصص لها، وكل هذا طبقاً للمادة 31 من قانون الأملاك الوطنية . فنزع ملكية عقار ليكون مقبرة، يستلزم اتخاذ الإجراءات المادية اللازمة لتسهيل عملية الدفن. واقتناء عقار بالتراضي قصد جعله ملعباً، يتطلب قلع أشجاره وأحجاره، إجراء أعمال تسوية التربة والقيام بالبناء والتزويد بما هو لازم للملاعب عادة . فإذا توافرت الحيازة وشروط التهيئة لغرض الملك المقصود تصنيفه، تقوم الإدارة بتصنيف مال معين ضمن الأملاك العامة الحكمية .
أما الإصطفاف فقد عرفه المشرع في المادة /30الفقرة 1 من قانون الأملاك الوطنية من خلال هدفه، فهدف الاصطفاف هو إثبات تعيين الحدود الفاصلة بين الطرق العمومية والملكيات المجاورة، بمعنى أن الاصطفاف يخص الطرق العمومية ، أما التصنيف فيخص باقي الأملاك العمومية الاصطناعية.
الفقرة 1 : الاصطفاف L’alignement
لقد سمى المرسوم التنفيذي -12- 427 السابق ذكره، الاصطفاف بالتصفيف، حيث نصت المادة الفقرة1 منه على ما يلي :«يسمى ضبط حدود الأملاك العمومية في مجال الطرق تصفيفاً، والتصفيف هو العمل الذي تضبط به الإدارة حد طرق المواصلات وبالتالي حدود الملكيات المجاورة .»
انطلاقا من المادة 30 من قانون الأملاك الوطنية، فإنه يتم تعيين حدود الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية عبر مرحلتين تتمثلان في المخطط العام للاصطفاف والمخطط الفردي .
فالمخطط العام للاصطفاف أو ما يسمى بمخطط الاصطفاف له طابع تخصيص، حيث يحدد، عموماً، حدود أحد الطرق أو حدود مجموعة من الطرق . أما الاصطفاف الفردي فإنه يبين للمجاورين حدود الطريق وحدود ملكياتهم، وله طابع تصريحي، فهو يكشف الوضع الموجود، وهذا بالطبع في حالة عدم وجود اعتداء على الملك العمومي من قبل المجاورين .
ويعتمد مخطط الإصطفاف على الطرق الموجودة ولا يمكن أن يؤدي إلى تغيير محور الطريق أو تفريعه. هذا المخطط لا يكون إعداده إجباريا إلا بالنسبة للطرق العمومية الموجودة داخل التجمعات السكانية، والتي يستلزم الأمر فيها وضع حدود بين الملك العمومي وأملاك المجاورين .
ولإعداد مخطط الاصطفاف يجب أن يتم تحقيق علني، إذ تخضع العملية للنشر، والا لا يجوز الاحتجاج به على الغير، كما يجب أن تتم الموافقة عليه بعقد تصدره السلطة المختصة.
ولقد تكفل المرسوم التنفيذي رقم -12- 427 السابق ذكره، بتفصيل مسألة الاصطفاف فيما يتعلق بالطرق العامة التابعة للدولة، وهذا في المواد 25 إلى 34 منه، ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي : تعد جزءا لا يتجزأ من الأملاك العمومية الاصطناعية في مجال الطرق التابعة للدولة، الطرق الوطنية والطرق السريعة ومرافقها وكذا المنشآت الفنية، وتضبط حدودها وفقا للحالات التالية :
- في التجمعات العمرانية، حسب القواعد المنصوص عليها في التصميم العام للتصنيف (لاصطفاف) الذي تم نشره والموافقة عليه أو أدوات التهيئة والتعمير الموافق عليها.
- في المناطق الجبلية أو الريفية، حسب المقاييس التقنية المحددة في التنظيم، وفي هذه الحالة، تتطابق حدود الأملاك العمومية مع تلك المنصوص عليها في التصميم الذي اتبع في إنجاز الطريق ومرافقه أو تصميم الطريق المزمع إنجازه.
كما أنه ، إذا تبين من التصميم العام للتصفيف أو أدوات التهيئة والتعمير أن التصفيف القانوني يتطابق مع التصفيف الفعلي للطريق الوطني الموجود، فإن ضبط حدوده يقتصر على إثبات هذه الوضعية الفعلية، وذلك من أجل ضبط حدود الملكيات المجاورة .
ويترتب على التصميم العام للتصفيف بالنسبة للملاك المجاورين، ما يعرف بالارتفاق الإداري، الذي يتطلب الابتعاد عن الطريق أو عدم البناء، ويحتفظ الملاك الخواص المعرضة أراضيهم للتصفيف بكامل ملكية عقاراتهم حتى تقتنى منهم بالتراضي (عقد بيع) أو تنزع منهم ملكيتها .
وتجدر الإشارة إلى أن المرسوم التنفيذي 12- 427 قد خص الأملاك العمومية الاصطناعية التابعة للسكة الحديدية، في إطار طرق المواصلات، بفقرة خاصة بها (الفقرة2 ) انطلاقا من المواد 35 ً إلى 51 منه، حيث حدد مشتملات السكة الحديدية والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من الأملاك العمومية الاصطناعية، وحدد محتوياتها وطرق تحديد الحدود، حيث تضبط حسب التصميم العام للتصفيف أو تصميم التصفيف، الموافق عليه بمرسوم فيما يخص الأشغال الكبرى، وبقرار مشترك بين الوزراء المكلفين بالنقل و الأشغال العمومية والداخلية والمالية، إذا كان التصفيف يشمل أكثر من ولاية، أو بقرار يتخذه الوالي المختص إقليميا إذا وقع التصفيف في ولاية واحدة.
ويتم إعداد تصميم التصفيف بعد إجراء تحقيق علني، وكل هذا انطلاقاً من المادة 36 من المرسوم التنفيذي -12 427 المذكور . المتعلق بإجراءات التصنيف والغاء التصنيف .
وتجدر الإشارة في الأخير ، أن إلى المرسوم -80- 99 ، حدد الجهة الإدارية المختصة بإصدار قرار التصنيف، حيث أنه وطبقاً للمادة 1 منه فإن التصنيف بالنسبة للطرق الوطنية يعلن بواسطة مرسوم تنفيذي بعد أخذ الاستشارات اللازمة ( بعد أخذ رأي المجالس الشعبية المحلية المعنية ).
أما بالنسبة للطرق الولائية فإنه يتم تصنيفها بموجب قرار وزاري مشترك بين وزير الأشغال العمومية ووزير الداخلية، بعد مداولة المجلس الشعبي الولائي ، في حين أن الطرق البلدية يتم تصنيفها بموجب قرار صادر عن والي الولاية بعد مداولة من المجلس الشعبي البلدي المعني .
الفقرة : 2 التصنيف Classement
باستثناء طرق المواصلات التي تخضع للإصطفاف أي التصنيف بالمعنى الضيق، فإن باقي الأملاك العمومية الإصطناعية تخضع للتصنيف بالمعنى الواسع.
ويلاحظ أن المرسوم التنفيذي -12 427 المذكور سابقاً، تكلم عن تصنيف الموانئ البحرية والمطارات وكذا الممتلكات الثقافية والمعالم والمواقع التاريخية والطبيعية.
فالبنسبة للأملاك العمومية الاصطناعية البحرية المينائية، فقد نظمتها المادة 52 من المرسوم التنفيذي -12- 427 ، حيث تطرقت فقط للموانئ البحرية المدنية وملحقاتها، في حين أن الموانئ البحرية العسكرية وملحقاتها تخضع لنص خاص .
وعليه، فإن الموانئ المدنية مع منشآتها والمرافق اللازمة للشحن والتفريغ وتوقف السفن ورسوها والمساحات المائية وجميع الوسائل والمرافق المبنية أو غير المبنية الضرورية لاستغلال الموانئ أو صيانة ٕ السفن والمنشآت و اصلاحها، تشكل الأملاك العمومية الاصطناعية البحرية المينائية، ويتم تحديد أو ضبط حدودها بناء على مبادرة من إدارة الشؤون البحرية بالاشتراك مع ادارتي الأشغال العمومية والسلطة المكلفة بالميناء ، بموجب قرار من الوالي المختص إقليميا.
ومن أجل إصدار قرار ضبط الحدود لابد من إجراء تحقيق إداري، وفي حالة ما إذا اعترضت صعوبات تقنية معقدة عملية ضبط الحدود، فإنه يمكن الاستعانة بلجنة استشارية متكونة من خبراء في المجال، توضع تحت إشراف وزير النقل، وهذا قصد مساعدة الوالي على اتخاذ القرار .
وتجدر الإشارة أنه، تعتبر الطرق والسكك الحديدية وكذلك طرق الدخول الواقعة في حدود الموانئ جزءا ً لا يتجزأ من الأملاك العمومية المينائية .
أما بالنسبة للأملاك العمومية الاصطناعية المطارية، فقد نظمتها المادة 53 من المرسوم التنفيذي 12-427 المذكور وأحالت مسألة ضبط حدودها وتوسيعها وتصنيفها وكذا الارتفاقات الخاصة بها، للتشريع والتنظيم المتعلقين بسلامة الملاحة الجوية، هذا بالنسبة للمطارات المدنية، في حين أحالت إنشاء المطارات العسكرية وضبط حدودها وتوسيعها وتصنيفها، لنصوص خاصة.
أما فيما يتعلق بالممتلكات الثقافية والمعالم والمواقع التاريخية والطبيعية، فقد نظمتها المادة 54 من المرسوم التنفيذي -12- 427 ،حيث أن الممتلكات الثقافية العقارية والمنقولة المحمية والمعالم والمواقع التاريخية والطبيعية وغرائب الطبيعة وروائعها والمحطات المصنفة وكذا المساحات المحمية، فإنها تخضع للتشريع الخاص بها .
غير أنه، عندما يصنف عمل فني أو ملك ثقافي منقول له أهمية وطنية أكيدة، فإنه يدمج في الأملاك العمومية بمجرد اتخاذ قرار تصنيفه في إحدى هذه المجموعات، ويصبح حينئذ خاضع لقواعد الملكية العمومية.
. وتجدر الإشارة في الأخير أن الملكية العمومية، وانطلاقا من المادة 33 المعدلة سنة 2008من قانون الأملاك الوطنية، تنشأ بجعل الملك يضطلع بمهمة ذات مصلحة عامة أو تخصيصه لها، ولا يسري مفعوله إلا بعد تهيئة خاصة للمنشأة واستلامها، بالنظر إلى وجهته. وبعدها يدرج في الأملاك العمومية الإصطناعية بإصدار العقد القانوني للتصنيف، من طرف وزير المالية أو الوالي المختص، بعد مداولة المجلس الشعبي المعني.
. المطلب : 2 زوال الصفة العامة عن المال
لكي يكون الملك جزء لا يتجزأ من الأملاك العمومية، لابد من تصنيفه وتخصيصه، فيظل الملك يحمل الصفة العامة ما لم يكن موضوع إلغاء التصنيف أو نزع التخصيص عنه، غير أن مسألة المصطلحات مهمة، ذلك أن إلغاء التصنيف هو تصرف قانوني تقوم بموجبه السلطة الإدارية المختصة بإخراج الملك من دائرة الأملاك الوطنية العمومية، في حين أن نزع التخصيص أو إلغاء التخصيص هو مجرد ترك استعمال الملك، وبحسب الحالة، فإن تخصيص جديد لمنفعة أخرى، وتهيئة خاصة به قد تؤدي الى استعمال جديد للملك .
ويخرج الملك من نطاق الأملاك العمومية بانتهاء تخصيصه للمنفعة العامة، لأن الملك يكتسب صفته العمومية بتخصيصه للمنفعة العامة، وهذا يعني أن انتقاء التخصيص للمنفعة العامة يؤدي إلى فقدان الملك للصفة العمومية.
ويلاحظ أن المشرع تناول إلغاء التصنيف في المادة /31الفقرة 1 من قانون الأملاك الوطنية -90 30 حيث عرفه ب أنه « ... أما إلغاء التصنيف فهو الذي يجرد الملك من طابع الأملاك الوطنية العمومية، وينزله إلى الأملاك الوطنية الخاصة »، في حين نصت المادة /72الفقرة 1 من القانون نفسه على سبب إلغاء التصنيف، حيث أنه إذا فقد ملك من الأملاك الوطنية طبيعته ووظيفته اللتين تبرران إدراجه في هذا الصنف أو ذاك من الأملاك الوطنية، وجب إلغاء تصنيفه طبقاً لأحكام الفقرة الأولى من المادة 31 ،أي إنزاله إلى الأملاك الوطنية الخاصة .
كما يلاحظ أن المادة /72 الفقرتين 3 ،2 من قانون الأملاك الوطنية بينت مأل الاملاك التي تم إلغاء تصنيفها، حيث تلحق الأملاك، التي ألغى تصنيفها في الأملاك الوطنية العمومية، حسب أصلها، بالأملاك الوطنية الخاصة سواء التابعة للدولة أو الجماعة الإقليمية التي كانت تحوزها في بداية الأمر، ويثبت هذا الإلحاق أو التسليم بموجب محضر .
ومهما يكن، فإن فقدان الملك للصفة العمومية قد يتم بحكم الظواهر الطبيعية أو بالفعل أو بالقرار .
الفرع : 1 زوال الصفة العامة بحكم الظواهر الطبيعية
يجرد المال العام الطبيعي من صفته العامة بصورة فعلية وواقعية، وذلك عندما يؤدي فعل الطبيعة إلى فقد المال الطبيعي صفاته الطبيعية التي هيئته لكسب صفته العامة ، فلقد رأينا سابقاً، أن الملكيات المجاورة للبحر تدرج في الأموال العامة البحرية الطبيعية عندما تبلغها أقوى الأمواج في السنة وفي الظروف الجوية العادية، غير أنه إذا أصبحت هذه المساحات لا تغمرها أمواج البحر بالكيفية السابقة، فإنها تتحول إلى أملاك خاصة بالدولة.
الفرع 2 :زوال الصفة العامة بالفعل
قد يستعمل الجمهور مالاً معيناً استعمالاً مباشرا حتى ً لمدة معينة، ثم يقل هذا الاستعمال شيئاً فشيئاً العدول النهائي، ففي هذه الحالة لا فائدة من إضفاء صفة العمومية على هذا المال مادام وجه المنفعة العامة قد انتهى في الواقع العملي، حتى ولو كان القرار الذي منح صفة العمومية مازال ساريا . ولقد ثار خلاف في الفقه والقضاء حول مدى جواز فقد المال لصفة العمومية بالفعل، فهناك رأي ذهب إلى القول بأنه لا يجوز مطلقاً أن يفقد المال لصفة العمومية بالفعل، وهذا يعني أن المال العام لا يتحول إلى مال خاص بالفعل، وأنه يجب صدور قانون أو مرسوم أو قر ار بإنهاء تخصيصه للمنفعة العامة، لكي يمكن تحويله إلى مال خاص.
. في حين ذهب رأي آخر إلى أنه يجب التفرقة بين الأموال العامة بطبيعتها كالأنهار والبحار والبحيرات، فهذه يجوز أن ينتهي تخصيصها بالفعل، وبين الأموال العامة الحكيمة أو الاصطناعية التي أوجدها الإنسان كالطرق والموانئ، فهذه لا يجوز إنهاء تخصيصها بالفعل بل لابد من صدور إجراء من الدولة ينهي التخصيص للمنفعة العامة.
. في حين يرى الدكتور «محمد أنس قاسم جعفر» في كتابه «النظرية العامة لأملاك الإدارة والأشغال العمومية»، أن الأموال العامة تفقد صفتها بالفعل، ولكن يجب لكي تزول عن المال الصفة العمومية أن يكون التخصيص للمنفعة العامة قد زال فعلاً وبصفة نهائية، وتطبيقاً لذلك فإن المقابر لا ينتهي تخصيصها للمنفعة العامة بمجرد التوقف عن دفن الموتى بها، بل لابد لكي ينتهي التخصيص أن يتم نقل رفات كل الموتى الموجودين بالمقبرة، وذلك لأن الغرض الذي من أجله خصصت المقبرة للمنفعة العامة ليس مقصور على الدفن وحده، بل يشمل أيضاً حفظ رفات الموتى بعد دفنهم، ويترتب على ذلك أنها لا تفقد صفتها العامة بمجرد التوقف عن دفن الموتى فيها ولا يجوز تملكها بوضع اليد إلا بعد زوال تخصيصها واندثار معالمها وآثارها نهائيا كمقبرة .
الفرع : 3 زوال الصفة العامة بالقرار الإداري
انطلاقا من قاعدة توازي الأشكال، فإن الإدراج في الأملاك الوطنية العمومية يتم بقرار إداري، وبالمقابل فإن زوال الصفة العمومية عن الملك تكون بموجب قرار إدا ري سواء في إطار تعيين الحدود أو في إطار التصنيف، ففي إطار تعيين الحدود نلاحظ أن المادة /9 الفقرة1 من المرسوم التنفيذي -12 427 السابقة الذكر، تستلزم في ما يخص ضبط الحدود الأملاك العمومية البحرية، في حالة تراجع البحر، أن تدرج المساحات المكشوفة والتي لم تعد تغطيها الأمواج، في الأملاك الخاصة للدولة، وهذا الإدماج لا يكون إلا في إطار قرار إداري لضبط الحدود الجديدة، رغم أن العمل كان بفعل الطبيعة .
يلاحظ أن قانون الأملاك الوطنية -90 30 المعدل لم يتكلم إطلاقا عن مسألة زوال الصفة العامة بالفعل، لذلك نرجع إلى المرسوم التنفيذي – 12- 427.
كما أنه، وبالرجوع إلى المادة 06 من المرسوم التنفيذي – 12- 427 المذكور، نجدها تتكلم عن كيفية تجريد العقارات من صفتها العمومية والجهة المختصة بذلك، في حين أحالت مسألة إلغاء تصنيف طرق المواصلات وتجريدها من صفتها العامة، إلى المرسوم 99 -80. وانطلاقا من هذه المادة 6 ،فإن وزير المالية أو الوالي، كل في ما يخصه، وبعد استشارة الإدارة المعنية، يأذن بتجريد عقارات الأملاك العمومية التابعة للدولة من صفتها العامة، إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، وتسلم العقارات التي جردت من صفتها العامة إلى مصلحة أملاك الدولة، ويثبت ذلك بمحضر، ويعد جرد أو بيان وصفي لهذه العقارات . و إذا جردت مرافق الأملاك العمومية التابعة للدولة من صفتها العامة، عادت بحسب الحالة، إلى الأملاك الخاصة للدولة، أو إلى الجماعة العمومية المالكة مقابل استراد مبلغ التعويضات المحصل عليها إذا اقتضى الأمر .
المبحث 2: إستعمال الأملاك الوطنية العمومية
من المسلم به أن للأفراد حق استعمال المال العام كقاعدة عامة، غير أن هذا الاستعمال يجب أن يكون في حدود المنفعة العامة التي خصص لها المال العام .
وتنطبق هذه القاعدة على جميع الأموال العامة بصفة عامة، و قد رأينا سابقا أن تخصيص المال ِ العام للنفع العام قد يكون بتخصيصه لخدمة م بل رفق عام، أو بالاستعمال المباشر للمال العام من ق الجمهور . فبالنسبة لاستعمال الأموال العامة المخصصة للمرافق العامة، فإنه يكون بطريق غير مباشر بواسطة الانتفاع بالخدمات العامة التي تؤديها هذه المرافق للمنتفعين بها، ذلك هو الأصل العام في هذا المجال، ومع ذلك هناك مرافق يحرم على الأفراد استعمالها، أو حتى ارتيادها، إلا بصفة استثنائية، كما هو الشأن بالنسبة للمنشآت العسكرية الخاصة بمرفق الدفاع. كما أنه قد يكون ارتياد المال العام غير ممنوع، ولكن الأمر يتطلب احترام القواعد والضوابط المعمول بها داخل المرفق العام من جهة، وعدم الإضرار بالمال العام المخصص لهذا المرفق من جهة أخرى. وهذا ما ينطبق على الأموال العامة المخصصة لمرفق النقل والمواصلات، من موانئ بحرية وجوية وسكك حديدية وقطارات وطائرات ...
أما استعمال الجمهور للمال العام مباشرة، فإنه يكون إما استعمالا جماعياً أي انتفاعا مشتركاً، أو لأفراد معينين بصفتهم الخاصة فيكون استعمالا خاصاً .
وبالرجوع إلى قانون الأملاك 90 -30 نجد أن المادة 61 منه تجعل استعمال الجمهور للأملاك الوطنية العمومية يكون إما استعمالا مباشرا أو عن طريق مصلحة عمومية في شكل تسيير بالوكالات أو استغلال بامتياز، على أن تكون هذه المصلحة العمومية قد اختصت بتلك الأملاك، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، يمكن أن يكتسي استعمال الأملاك الوطنية العمومية طابعاً عادياً أو غير عادي . وحسب المادة 62الفقرة 1 من القانون نفسه ، فإنه يدخل ضمن الاستعمال العادي للأملاك الوطنية العمومية المخصصة للجمهور الاستعمال الجماعي أو الاستعمال الخاص للأملاك الوطنية العمومية المعنية .
لمطلب 1: الاستعمال الجماعي للأملاك العمومية (الاستعمال العام )
الاستعمال الجماعي يتعلق بفكرة أن المال مخصص لاستعمال الجميع، ولاستعمال الجمهور بصفة عامة، فالمستعمل غير محدد بذاته فهو غير مسمى، ولا يحتاج من أجل ممارسة هذا الاستعمال لأي سند قانوني خاص. وهذا النوع من الاستعمال يتعلق بممارسة حرية عامة أساسية، وهي الذهاب والإياب من إلى الأملاك العمومية المخصصة لهذا الاستعمال، كالطرق العامة، والشواطئ....
ويهيمن على موضوع استعمال الأفراد للدومين العام استعمالا عاماً أو جماعياً فكرة تخصيص المال ً للنفع العام، وفي أن هذا الاستعمال يكون الجمهور فيه دائماً على قدم المساواة، وأيضا يكون الجمهور حرا يستعمل هذا المال وقتما شاء ، أي أن هذا الاستعمال تحكمه قواعد أهمها المساواة بين المنتفعين وحرية المنتفعين بالمال العام في حدود الضوابط الإدارية المقررة، وأخيرا الاستعمال المجاني للمال العام.
ولقد أكد المشرع على هذه المبادئ العامة التي يخضع لها الاستعمال الجماعي للأملاك الوطنية العمومية، وهذا ما يظهر من الفقرة 2 من المادة 62 من قانون الأملاك الوطنية، ولقد فصل المرسوم التنفيذي -12- 427 من خلال المادة 63 منه في الاستعمال الجماعي أو المشترك، حيث عرفته الفقرة الأولى منها بأنه :«هو الاستعمال الذي يمكن أن يقوم به جميع المواطنين حسب الشروط نفسها .»
كما ميزت هذه المادة في فقرة الخامسة بين نوعين من الاستعمال الجماعي، الاستعمال الجماعي «العادي » إذا كان يمارس طبقاً للغرض الخاص الذي حدد لمرفق الأملاك الوطنية المقصود وخصص لاستعمال الجميع، أما الاستعمال الجماعي «غير العادي »فيكون إذا لم يمارس الاستعمال بما يطابق هذا الغرض ( الغرض الخاص المحدد لمرفق الأملاك الوطنية المقصود ) مطابقة كلية، لكنه لا يتعارض معه ، وفي هذه الحالة يجب أن يكون مرخصاً به بصفة مسبقة .
ولقد أكدت الفقرة الخامسة والأخيرة من المادة 63 السابقة الذكر ، أن الاستعمال العادي للأملاك العمومية يكون حرا ومجاني ويتساوى فيه جميع المستعملين، مع مراعاة الاستثناءات القانونية .
الفرع 1 : حرية استعمال المال العام
نتيجة لإقرار حق الاستعمال العام المشترك للمال العام من قبل الجمهور، فإن الأصل أن الاستعمال حرا ، ، وهذا يعني حرية كل فرد من استعمال المال العام في الوقت المناسب له ، دون إذن أو إعلان سابق ، طالما أن هذا الاستعمال لا يخل بالغرض الذي خصص له المال العام . وتشمل هذه الحرية : حرية الذهاب والإياب وحرية الدخول للشواطئ...
ولقد أكد المرسوم التنفيذي -12- 427 على مبدأ الحرية و ذلك انطلاقا من المادة 65 منه، حيث أن الاستعمال الجماعي لا يجوز منعه ولا إخضاعه لتصريح أو ترخيص قبليين، غير أنه يمكن للسلطات الإدارية المختصة أن تقنن هذا الاستعمال قصد الحماية الإدارية وضمان النظام العام بمدلولاته الثلاثة : الأمن العام، الصحة العامة، السكينة العامة، وقصد المحافظة على الملك العمومي أو حسن استعماله.
ولقد رتبت المادة 66 من المرسوم نفسه نتائج على مبدأ حرية استعمال المال العام من قبل الجمهور استعمالاً جماعياً، وتتعلق هذه النتائج بالطرق العمومية وشواطئ البحر.
فبالنسبة للطرق العامة فيترتب على مبدأ حرية استعمال الأملاك العمومية المخصصة للجميع استعمالاً عادياً، عدم شرعية الموانع العامة أو القطعية التي تقام ضد الراجلين والمستعملين الآخرين الراكبين، غير أن الموانع النسبية التي تتخذ، بسبب خصائص بعض الطرق، لضمان أمن المرور وسهولته تكون شرعية، ويمكن للسلطات الإدارية المخولة قانوناً، أن تفرض في هذا الإطار بعض التبعات التنظيمية على مستعملي الطرق العمومية في ميدان المرور والتوقف حرصاً منها على تحقيق المنفعة العامة .
أما بالنسبة لشواطئ البحر، فإنه تخول حرية دخول الجميع إلى شواطئ البحر و استعمالها عادياً، الحق لأي شخص أن يمر فيها ويتوقف ويسبح، ويستعمل في حاجاته الخاصة منتوجات البحر باعتدال، ضمن الحدود والشروط المنصوص عليها في القوانين والتنظيمات المعمول بها.
الفرع 2: المساواة في استعمال المال العام
وهذا يعني أن يكون الجميع متساوون في انتفاعهم بالمال العام، الأمر الذي يقتضي أن تقتصر الإدارة في تدخلها على إصدار القواعد التنظيمية العامة وأن لا تخضع الانتفاع – في جميع الأحيان وكقاعدة عامة – لنظام الترخيص السابق
ويترتب على مبدأ المساواة، أنه إذا ما فرضت شروط أو ضوابط معينة لتنظيم استعمال المال العام، فيجب أن تطبق هذه الضوابط بطريقة واحدة وأسلوب موحد على جميع الأفراد الذين يوجدون في نفس الظروف أو في ذات المراكز القانونية .
ولهذا، فإن مبدأ المساواة –بصفة عامة - مبدأ نسبي وليس مطلق، إذ لا يتصور أن تكون المساواة ٕ مطلقة بين الجميع، مهما اختلفت مراكزهم القانونية ومهما تغيرت ظروفهم الواقعية، وانما يتساوى الأفراد الذين يوجدون في نفس المركز القانوني أو في ذات الظروف، فالمعاملة تتوحد للمتوحدين في هذه المراكز وتلك الظروف، وتختلف للمختلفين فيها .
وهناك أمثلة كثيرة في هذا المجال، فالعدالة تقتضي إعفاء من يقطنون بجوار الطرق العامة من الرسوم المقررة للمرور فوق هذه الطرق، وتخصيص حدائق معينة للأطفال والنساء أو أصحاب الاحتياجات الخاصة.
وبالرجوع إلى المرسوم التنفيذي -12- 427 ،نجد أن المادة 68 منه تتكلم عن مبدأ المساواة، حيث يتمتع جميع المواطنين بالتساوي في حق الاستعمال والمعاملة في ميدان استعمال الأملاك العمومية ومرافقها الموضوعة تحت تصرفهم.
كما يتمتعون بالتساوي في حق الدخول، لاسيما إلى المعالم والمباني والحدائق العمومية المهيأة والغابات وشواطئ البحر.... مع اشتراط الامتثال للتنظيمات السارية عليها، والخاصة بحفظ النظام والمحافظة عليها .
الفرع3 : مجانية استعمال المال العام
المبدأ الثالث الذي يحكم الاستعمال المشترك للمال العام، هو مبدأ المجانية، والذي به يتحقق المبدأين السابقين، فاستعمال المال العام بحرية ومساواة بين المنتفعين يبقى مجرد أمر شكلي إذا لم يكن مرفوقاً بمبدأ المجانية .
فالقاعدة العامة أن الاستعمال العام أو الجماعي للمال العام يكون مجانياً، أي بدون مقابل يدفع من الجمهور. ومع ذلك فإنه يجوز للإدارة أن تفرض رسوماً محددة مقابل استعمال الأموال العامة في بعض الأحوال، كالرسوم التي تحصل عند دخول حدائق الحيوانات، أو دخول متحف الآثار .... غير أنه يجب أن تكون هذه الرسوم المفروضة من الإدارة مقابل استعمال المال العام مشروعة، أي يكون صدورها بقانون، أو مستند إلى قانون صادر من السلطة التشريعية، طبقاً لقاعدة قانونية الضرائب والرسوم .
ولقد أكدت المادة 67 من المرسوم التنفيذي -12 427 على مجانية الاستعمال الجماعي للأملاك العمومية، وذلك بأن لا يخضع هذا الاستعمال لدفع أتاوى، ماعدا الحالات المنصوص عليها في القانون.
المطلب 2: الاستعمال الخاص للأملاك العمومية
على عكس الاستعمال الجماعي، الاستعمال الخاص قائم على الشغل الاحتكاري أو التفضيلي للأملاك الوطنية العمومية . فهو لا يمثل تطابقاً في صيغته مع أهداف النفع العام التي خصص لها المال العام بصوره الأساسية ، وإن كان لا يصل إلى درجة التعارض الكامل معها بصورة توقف تخصيص المال العام ، وا نما يقف عند الخلاف الجزئي الذي يسمح بتنفيذ هذا النوع من الاستعمال الخاص جنباً إلى ٕجنب مع استمرارية الاستعمالات الأخرى الممثلة لأهداف التخصيص .
والمقصود بهذا النوع من الاستعمال إستثناء فرد أو أفراد معينين بذواتهم بالانتفاع بجزء من المال العام بناء على ترخيص أو إذن سابق من السلطة المختصة ، تمنحه بناء على سلطتها التقديرية، ويكون هذا الانتفاع الخاص بمقابل كقاعدة عامة .
ويجد الاستعمال الخاص أساسه القانوني في المادة 62 من قانون الأملاك الوطنية والتي عرفته بأنه يدخل ضمن الاستعمال العادي للأملاك الوطنية العمومية، يمارسه المستعملون بموجب رخصة إدارية مسبقة مقابل دفعهم أتاوى .
كما يجد الاستعمال الخاص أساسه القانوني في المادة 63 من قانون الأملاك الوطنية، والتي سمته « بالشغل الخاص » حيث جعلته يقتصر فقط على الأملاك الوطنية المخصصة للإستعمال الجماعي للجمهور، ويهدف إلى الاستعمال الخاص لجزء من الأملاك الوطنية العمومية المخصصة لاستعمال الجميع .
ولقد فصلت المادة 64الفقرة 1 من المرسوم التنفيذي – 12- 427 في تعريف الاستعمال الخاص للمال العام، حيث تنص : « يمارس الاستعمال الخاص أحد الخواص في قطعة من الأملاك العمومية منتزعة من الاستعمال المشترك بين الجمهور »، وهذا يجعل الاستعمال الخاص استعمال احتكاري لجزء من الأملاك العمومية التي كانت مخصصة للاستعمال المشترك بين الجمهور .
في حين نجد أن الفقرة 2 و 3 من المادة 64 من المرسوم نفسه تتكلم عن وسيلة منح الاستعمال الخاص للمال العام وطبيعة هذا الاستعمال، حيث أن الاستعمال الخاص يرتكز على سند قانوني خاص يعتبر رخصة تسلم لمستفيد معين، وتأخذ شكل عقد وحيد الطرف تصدره الإدارة أو الهيئة صاحبة الامتياز، أو التي تسير مرفق الأملاك الوطنية، أو يأخذ شكل عقد تبرمه الإدارة أو الهيئة صاحبة الامتياز أو المسيرة مع المستفيد .
ويخول هذا السند القانوني لصاحبه حقا مانعاً يستمر حتى إلغاء السند، وهذا لأن شغل الأملاك شغلا خاصاً يحكمه مبدأ الوقتية، أي أن الشغل الخاص مؤقت وليس دائم، ويمكن تغييره دائماً أو إلغاؤه، إذا غير تخصيص ملك من أملاك الدولة، أو كان غرضه بدافع المنفعة العامة، كما أنه لا يسمح بالاستعمال الخاص إلا إذا توافق مع تخصيص الملك، ويترتب على المستعمل أن يدفع أتاوى مقابل انتفاعه .
ولقد حددت الفقرة 4 والأخيرة من المادة 64 من المرسوم نفسه طبيعة الاستعمال الخاص للملك العام، إذ قد يكتسي طابعاً عادياً وذلك عندما يتوافق مع غرض مرفق الأملاك الوطنية الذي يقع استعماله، وقد يكتسي طابعاً غير عادي إذا تعلق الأمر بأحد مرافق الأملاك الوطنية المخصصة لاستعمال الجميع ولكنه استعمل استعمالاً خاصاً له، يعتقد على أية حال، أنه يتماشى مع الغرض الأصلي للملك المعني.
. وعليه، فإن الاستعمال الخاص للأملاك العمومية قد يتخذ شكل تصرف أحادي الطرف أو شكل عقد إداري، الأمر الذي يستلزم تفصيل هذه المسألة.
الفرع : 1 الاستعمال الخاص بموجب تصرف أحادي الطرف
يتم هذا الاستعمال بموجب قرار تصدره السلطة المختصة بالتصريح للشخص أو الأشخاص طالبي الانتفاع الخاص، بعد التأكد من أن هذا الاستعمال لن يؤثر على الغرض الذي خصص له المال العام للمنفعة العامة من ناحية، أو على الاستعمال العام لهذا المال العام من ناحية أخرى .
و بالرجوع إلى المادة 64 من قانون الأملاك الوطنية يلاحظ بأنها تقسم الرخصة الممنوحة في إطار الاستعمال الخاص لجزء من الأملاك العمومية، إلى نوعين : رخصة الطريق ورخصة الوقوف .
وتمثل هذه الرخص شغلاً مؤقتا للمال العام تمنح بناء على السلطة التقديرية للإدارة، وتكون قابلة للطعن في حالة الاستعمال التعسفي للسلطة .
ويجب أن تتماشى هاتان الرخصتان مع طبيعة استعمال الأملاك العمومية التي يحق للجمهور أن يمارسها ممارسة عادية دون أن يضايق استعمال مرافق الأملاك الوطنية المقصودة استعمالاً عادياً، كما يجب أن لا تسيئا إلى المحافظة على الأملاك العمومية، ولا تضرا حقوق أصحاب الرخص الآخرين .
الفقرة 1: رخصة الطريق :Le Permission de voirie
لقد عرفت هذه الرخصة المادة 64 الفقرة1 من قانون الأملاك الوطنية بقولها :« ... وتخول رخصة الطريق استعمالاً خاصاً لأملاك وطنية عمومية، يترتب عليه تغيير أساس الطريق العمومي، أو الاستلاء عليه، وتكون هذه الرخصة في شكل قرار من السلطة الإدارية المكلفة بالمحافظة على الأملاك الوطنية العمومية، وتقبض عنها أتاو طبقاً للتشريع المعمول به . »
في حين فصلت المادة 72 الفقرة2 من المرسوم التنفيذي 12- 427 في هذا التعريف وذلك بقولها« : تتمثل رخصة الطريق في الترخيص بشغل قطعة من الأملاك العمومية المخصصة لاستعمال الجميع شغلاً خاصاً مع إقامة مشتملات في أرضيتها، وتسلم لفائدة مستعمل معين، كما تنجر عنها أشغال تغير أساس الأملاك المشغولة»، يلاحظ أن هذا التعريف لا يشمل فكرة الاستلاء ودفع الأتاوى المنصوص عليهما في المادة 64الفقرة 1 المذكورة.
وعليه، يتضمن هذا النوع من الترخيص السماح للشخص أو الأشخاص المرخص لهم بإنجاز أعمال البناء والحفر في منطقة معينة من المال العام، كتوصيل شبكات الهاتف وأنابيب المياه تحت أرضية الشوارع العامة أو إنجاز محطات التزود بالوقود أو محلات بيع الجرائد...
الفقرة 2: رخصة الوقوف Le Permis de stationnement
يلاحظ أن المادة 64 من قانون الأملاك الوطنية تكلمت عن رخصة الوقوف دون أن تعرفها، في حين عرفتها المادة 71الفقرة 1 من المرسوم التنفيذي 12- 427 بقولها : « تتمثل رخصة الوقوف في الترخيص بشغل قطعة من الأملاك العمومية لاستعمال الجميع، شغلاً خاصاً دون إقامة مشتملات على أرتضيها ، وتسلم لمستفيد معين اسمياً » ، وهذا يظهر الفرق بين رخصة الطريق ورخصة الوقوف، فالأولى ، تتضمن تغيير أساس الطريق العمومي و إقامة مشتملات في أرضيتها، في حين أن الثانية تتضمن الشغل الخاص دون إقامة مشتملات على أرضية القطعة من الأملاك العمومية، ومثال ذلك كالسماح للمقاهي بوضع مقاعدها على جانب الطريق وللباعة بعرض بضاعتهم على جانبي الطريق .
الفقرة 3 : السلطة الإدارية المختصة بمنح الرخص
لقدد حدد المرسوم التنفيذي 12- 427 السلطة الإدارية المختصة بمنح رخصة الوقوف ورخصة الطريق .
1-بالنسبة لرخصة الوقوف : انطلاقاً من المادة 71الفقرة 2 من المرسوم التنفيذي 12- 427 فإن رخصة الوقوف تسلمها أو ترفض تسليمها، بحسب الحالة، السلطة المكلفة بأمن المرور عبر مرفق الأملاك العمومية المعني، ويكون ذلك كمايلي :
- يسلمها رئيس المجلس الشعبي البلدي بقرار، فيما يخص الطرق الوطنية أو الولائية الواقعة داخل التجمعات السكنية، وكذلك الطرق البلدية.
- يسلمها الوالي بقرار، فيما يخص الطرق الوطنية والولائية خارج التجمعات السكنية .
2 - بالنسبة لرخصة الطريق : انطلاقاً من المادة /72الفقرات2و6و7 من المرسوم التنفيذي 12- 427 فإن رخصة الطريق تسلمها أو ترفض تسليمها، السلطة المكلفة بتسيير الأملاك العمومية، ويسلمها حسب الحالة:
- رئيس المجلس الشعبي البلدي أو الوالي بقرار إذا كان تسيير مرفق الأملاك العمومية المعني لا تتولاه سلطة إدارية أخرى .
- عندما يكون سند الشغل الخاص للأملاك العمومية منشئاً لحقوق عينية، فيتم تسليمه من طرف الوزير المكلف بتسيير مرفق الملك العام المعني بناء على تقرير من الوالي المختص إقليمياً .
- كما يسلم أيضاً من طرف الوزير المكلف بتسيير مرفق الملك العام المعني عندما تكون الأشغال المراد إنجازها و/أو النشاط المرخص به يشمل إقليم عدة ولايات.
-
الفقرة4 : نهاية الرخص:
تنتهي الرخص إما نهاية طبيعية أو نهاية غير طبيعية، فالنهاية الطبيعية تكون بانتهاء الأجل المحدد في الرخصة ذاتها، فبناء على مبدأ الوقتية، فان الرخصة تمنح لأجل محدد، فبانتهاء هذا الأجل تنتهي الرخصة. والجدير بالملاحظة في هذه الحالة أنه من حق صاحب الرخصة طلب التجديد، وفي المقابل للسلطة الإدارية المختصة كامل السلطة التقديرية في قبول التجديد أو رفضه.
أما النهاية غير الطبيعية للرخصة فتكون قبل انتهاء أجل الرخصة، ويرجع ذلك لسببين، إما بسبب خطأ صاحب الرخصة أو دون خطأ منه.
ففي حالة ارتكاب صاحب الرخصة لخطأ، بأن لا يتقيد بشروط الرخصة أو أن يستعملها على وجه أخر غير المرخص به أو غير ذلك، فإن الإدارة تقوم بسحب الرخصة منه قبل نهاية أجلها، وفي هذه الحالة لا يستفيد من أي تعويض عن المدة المتبقية.
أما في حالة سحب الرخصة قبل انتهاء الأجل ودون خطأ من صاحب الرخصة، كأن تسحبها منه بدافع المنفعة العامة، فإن الإدارة ملزمة بدفع التعويض لصاحب الرخصة.
الفرع 2:الإستعمال الخاص بموجب عقد
يكون استعمال المال العام بشكل فردي خاص بموجب عقد تبرمه الإدارة مع بعض الأفراد وشأنه في ذلك شأن عقد الإمتياز للمرافق العامة، وذلك عند السماح لملتزم النقل الداخلي بإقامة محطات وقوف لمركباته، والتي كانت مخصصة أصلا لانتفاع الجمهور.
وهناك فارق واضح بين تكييف مركز المنتفع على أنه ترخيص أو عقد إداري، ففي الحالة الأولى يخضع مركزه القانوني لنظام القرارات الإدارية، أما في الحالة الثانية فإن مركزه يصبح أكثر استقرارا و ذلك لتطبيق أحكام العقود الإدارية، و إذا كانت العقود الإدارية لا تخول المتعاقد ذات الحقوق المقررة للمتعاقد في القانون الخاص، فإنها تخوله مزايا هامة، خصوصاً فيما يتعلق بحرمانه من الانتفاع قبل نهاية المدة المقررة في العقد، إذ يستلزم على الإدارة أن تعويضه تعويضاً كاملاً في هذه الحالة وفي حالات كثيرة غيرها.
ولقد أكد المشرع في قانون الأملاك الوطنية على أن الاستعمال الخاص للمال العام قد يكتسي إما شكل الرخصة أو الطابع التعاقدي ، كما أنه نص على عقد الإمتياز كوسيلة لاستعمال المال العام استعمالاً خاصاً، وذلك من خلال المادة 64 مكرر من قانون الأملاك الوطنية المعدل سنة 2008.
حيث قام المشرع بتعريف عقد امتياز استعمال الأملاك الوطنية العمومية، بأنه : العقد الذي تقوم بموجبه الجماعة العمومية صاحبة الملك، المسماة السلطة صاحبة حق الإمتياز، بمنح شخص معنوي (سواء شخص عام أو خاص) أو طبيعي، يسمى صاحب الامتياز، حق استغلال ملحق الملك العمومي الطبيعي( أي الأملاك العمومية الطبيعية) أو تمويل أو بناء و/أو استغلال منشأة عمومية (أي أملاك عمومية اصطناعية) لغرض خدمة عمومية لمدة معينة( وهذا تأكيد على مبدأ وقتية الاستعمال الخاص)، تعود عند نهايتها المنشأة أو التجهيز، محل منح الامتياز إلى السلطة صاحبة حق الامتياز.
كما حدد المشرع حقو ق وواجبات صاحب عقد الامتياز كحقه في تلقي أتاوى يدفعها مستعملو المنشأة والخدمة، وهذا من أجل تغطية تكاليف الاستثمار والتسيير وكسب أجرته، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، واجبه في أن يدفع إتاوة سنوية على أساس القيمة الإيجارية لملحق الملك العمومي الممنوح له و/أو نتائج استغلال هذا الملحق، تحصل لفائدة الجماعة العمومية المالكة، وهذا طبقا للمادة 64 مكرر 1.
الفرع 3 الشغل الخاص للأملاك العمومية المنشئ لحقوق عينية:
من المعلوم أنه لا يمكن ترتيب حقوق عينية على الملك العام، غير أن المشرع الجزائري _ أسوة بالمشرع الفرنسي_ سنة 2008، قرر بموجب تعديل قانون الأملاك الوطنية 08/14 إمكانية ترتيب الشغل الخاص للمال العام حقوقا عينية، حيث أضاف قسما خاصا بذلك سماه :
" القسم الثاني مكرر
الشغل الخاص للأملاك الوطنية العمومية المنشئ لحقوق عينية"
تضمن هذا القسم المواد 69 مكرر، 69 مكرر 1، 69 مكرر2، 69 مكرر 3، 69مكرر 4، 69مكرر5.
فانطلاقا من المادة 69 مكرر ، يلاحظ أن المشرع قرر لصاحب رخصة الشغل الخاص للأملاك العمومية بموجب عقد أو إتفاقية من أي نوع (مع أننا لاحظنا سابقا أن الاستعمال الخاص للملك العمومي يكون إما بموجب رخصة أو عقد، فلماذا نص على مصطلح اتفاقية من أي نوع؟)، حق عيني على المنشأت و البنايات و التجهيزات ذات الطابع العقاري التي ينجزها من أجل ممارسة نشاط مرخص له بموجب هذا السند.
بمعنى أن الحق العيني لا يترتب على الملك العام، وإنما على ما أتجزه صاحب السند من منشأت وبنايات على الملك العام، ولاحظنا فيما سبق أن رخصة الوقوف لا تتضمن إقامة منشأت على الملك العام، لذلك فلا يمكن لصاحب هذه الرخصة أن تكون له حقوقا عينية، عكس رخصة الطريق التي تتضمن الحفر والبناء على المال العام أي إقامة بنايات وتجهيزات على المال العام، مما قد ينتج عنه ترتيب حقوق عينية على هذه المنشأت، والأمر نفسه بالنسبة لعقد الامتياز، وهذا ما أكده المرسوم التنفيذي 12/427 من خلال المادتين 72 و 75.
كما يلاحظ أن المشرع جعل هذه المادة عبارة عن قاعدة مكملة، حيث أنه يمكن للإدارة أن تضع في السند بند ينص على أن هذا السند لا ينشئ حق عيني، وبالتالي لا تطبق أحكام القسم الثاني مكرر، أي لا تطبق أحكام المادة 69 مكرر ومايليها.
إن الحق العيني الذي ينشأ عن سند الشغل الخاص، يخول لصاحبه صلاحيات وواجبات المالك، وذلك خلال مدة السند ووفق الحدود والشروط المحددة في القسم الثاني مكرر المذكور، وهذا ما يظهر من خلال الفقرة 2 من المادة 69مكرر.
إن المشرع منح لصاحب السند هنا صلاحيات وواجبات المالك، ولكن ليس بصفة مطلقة و إنما قيدها بضوابط وحدود و شروط محددة في مواد أخرى سنراها لاحقا.
كما أن المشرع، وانطلاقا من الفقرة 3 من المادة 69 مكرر ، جعل المدة القصوى لسند الشغل الخاص المنشئ لحقوق عينية لا يمكن أن تتجاوز 65سنة، إذ تحدد مدة هذا السند بالنظر على طبيعة النشاط والمنشأت المرخصة وأهميتها.
ومادام ان المشرع اعترف لصاحب هذا السند بصلاحيات المالك، فقد نظم مسائل تتعلق بذلك، وهذا ما يظهر من المادة 69مكرر2.
حيث أنه يمكن التنازل عن الحقوق والمنشأت و البنايات والتجهيزات ذات الطابع العقاري أو تحويلها في إطار نقل الملكية بين الأحياء او اندماج أو ادماج أو انفصال شركات بالنسبة لمدة صلاحية السند المتبقية، ويكون ذلك لشخص مرخص له من قبل الإدارة المختصة، و أن يكون الاستعمال موافقا لتخصيص الملك العمومي المعني.
فرغم الاعتراف لصاحب هذا السند بصلاحيات المالك، إلا أنه كي يتنازل عن الحقوق يشترط الموافقة المسبقة للإدارة المختصة على الشخص المتنازل له، فالإدارة تبقى دائما صاحبة السلطة في اختيار صاحب السند، مما يجعل أن صلاحيات صاحب السند هنا مقيدة وليست كما في الشريعة العامة.
كما أنه، ومن خلال الفقرة 2 من المادة 69مكرر2، في حالة وفاة شخص طبيعي حائز لسند الشغل المنشئ لحق عيني، فإن السند و ما ترتب عنه ينتقل الى الورثة، الذين يجب عليهم أن يتفقوا فيما بينهم على مستفيد من السند، يقدم هذا المستفيد لموافقة السلطة المختصة عليه، في غضون ستة أشهر من تاريخ الوفاة.
وعليه، فحتى في حالة الوفاة يستلزم الأمر موافقة الإدارة المختصة على المستفيد المقترح من قبل الورثة، مما يجعل للإدارة دائما سلطة تقديرية في قبول او رفض المستفيد المقترح منهم.
كما أنه، وانطلاقا من المادة 69مكرر3 ، يمكن لصاحب السند _باعتبار أن له صلاحيات المالك_ أن يرهن الحقوق والمنشأت و البنايات والتجهيزات ذات الطابع العقاري، غير أن ذلك لا يكون إلا لضمان القروض التي يتحصل عليها من أجل تمويل إنجاز أو تعديل أو توسيع الأملاك الواقعة على الأملاك العمومية المرخص بشغلها.
وعلى أساس ذلك، فإن الإجراءات التحفظية وتدابير التنفيذ الجبري على الحقوق والمنشأت والبنايات المرهونة، لا يمكن توقيعها إلا من الدائنين الذين نشأ حقهم نتيجة قروض قدموها لتمويل إنجاز أو تعديل او توسيع الأملاك الواقعة في الملك العام المشغول من صاحب السند، أما الدائنين العاديين الأخرين_ في حالة تعدد الدائنين_ الذين لم يكن دينهم من أجل القيام بالأعمال المذكورة، فلا يمكنهم ممارسة إجراءات التنفيذ على ما بني على المال العام.
وجعل المشرع مسألة انقضاء الرهون مقترنة بانقضاء أجل السند، اذ لا يمكن للدائن أن ينمح لصاحب السند مهلة للوفاء تفوق مدة السند، وفي حال ما إذا تجاوز هذه المدة فإنه يتحمل مسؤوليته، لان المشرع اقر بانقضاء الرهون على الحقوق والممتلكات المقامة على المال العام بموجب سند الشغل، بانقضاء أجل السند مهما كانت الأسباب والظروف، وهذا طبقا للفقرة 3 من المادة 69 مكرر3.
كما يلاحظ أن المشرع نظم نهاية سند الشغل الخاص و الاثار المترتبة على ذلك، وهذا أساسا في المادة 69 مكرر 4، وحتى فيما يتعلق بانقضاء الرهون المشار إليها سابقا.
فانطلاقا من الفقرة 1 من المادة 69 مكرر 4 يلاحظ أن المشرع تكلم عن مأل الأملاك التي بناها صاحب السند عند نهاية هذا الأخير، ففي نهاية أجل السند نهاية طبيعية بانتهاء أجله، يجب الإبقاء على المنشأت والبنايات و التجهيزات ذات الطابع العقاري الكائنة على الملك العام على حالها، إلا إذا نص السند على تهديمها من قبل صاحب الرخصة أو أن تهدم وهو من يدفع تكاليف الهدم، ويمكن تصور ذلك _مثلا_في حالة تغيير تخصيص الملك العام، الأمر الذي يستلزم هدم البنايات المقامة والتي قد يتعارض وجودها مع التخصيص الجديد.
بالنسبة للبنايات و المنشأت والتجهيزات ذات الطابع العقاري التي تم الإبقاء عليها، تصبح بقوة القانون و دون مقابل، ملكا للجماعة العمومية التي يتبع لها الملك العمومي المعني، كما تستلمها حرة خالصة من كل الامتيازات والرهون.
أما في حالة النهاية غير الطبيعية للسند أي قبل انتهاء أجله، إذا كان سحب السند دون خطأ من صاحبه، فإنه يتم تعويض صاحب الرخصة عن الضرر المباشر المادي و الأكيد الناشئ عن النزع المسبق للحيازة، وتوضح قواعد تحديد التعويض ضمن سند الشغل، وهذا طبقا للفقرة 3 من المادة 69 مكرر4.
و يلاحظ أن المشرع، لم يحدد أسباب السحب قبل نهاية الأجل، وإنما تكلم عنها بمفهوم المخالفة باستعمال عبارة: " بسبب أخر غير عدم الوفاء ببنود و شروط الرخصة..."، بمعنى أن أسباب السحب تكون من جهة السلطة الإدارية وليس من جهة صاحب السند.
ومادام أن السحب لم يكن بسبب صاحب السند، فإنه تم تقرير تعويضه عن الاضرار اللاحقة به، المباشرة والمادية والأكيدة، وفي هذه الحالة تنتقل حقوق الدائنين المسجلين بصفة قانونية عند تاريخ السحب للرخصة على حساب هذا التعويض قصد استفاء حقوقهم منه.
أما في حالة سحب الرخصة قبل نهاية أجلها بسبب خطأ من صاحبها وهو عدم الوفاء ببنود وشروط الرخصة أو السند، فإنه لا يتم تعويضه عن الأضرار التي يمكن أن تلحقه نتيجة هذا السحب المسبق، وهذا يعتبر كعقوبة له. بل يعلم الدائنون المقيدون بصفة قانونية، على الأقل شهرين قبل تبليغ صاحب الرخصة بالسحب، بنوايا السلطة المختصة ( أي السحب المسبق) ، لكل غاية مفيدة كالسعي للحصول على الدين من صاحب الرخصة، ولتمكينهم لاسيما من اقتراح شخص أخر لاستبدال صاحب الرخصة المقصر، وهذا ما يفهم من الفقرة 5 من المادة 69 مكرر4.
و تجدر الإشارة الى أن المشرع أحال، فيما يخص المواد 69 مكرر و 69 مكرر 1 ، 69مكرر2، 69 مكرر3، 69 مكرر4، الى التنظيم لكي يحدد كيفيات تطبيق هذه المواد، ورغم صدور المرسوم التنفيذي 12/427 إلا أنه لم يبين كيفيات تطبيق هذه المواد، باستثناء ماورد في بعض فقرات المادتين 72 و75 منه.
كما تجدر الإشارة أخيرا الى أن المادة 69 مكرر5 قد نصت على أن أحكام سند الشغل الخاص المنشئ لحقوق عينية، لا تطبق على الأملاك العمومية الطبيعية البحرية و الأملاك العمومية الطبيعية المائية و الأملاك العمومية الغابية.
المبحث 3 : الحماية القانونية للأملاك العمومية
يقصد بالحماية القانونية للأملاك العمومية تلك القواعد القانونية التي نصت عليها القوانين لضمان استمرار الأموال العامة في تأدية وظيفتها خدمة للنفع العام. وتتحدد الحماية المقررة للمال العام بنطاقين من القوانين، الحماية المدنية والحماية الجنائية، فالأولى تهدف إلى إخضاع المال العام لقواعد قانونية مدنية، أما الثانية فتتمثل بالحماية الجنائية التي ينظمها ويضع الجزاء لمخالفتها القانون الجنائي.
ولقد خص المشرع مسألة الحماية القانونية بأحكام في قانون الأملاك الوطنية، حيث وضح من أين تستمد قواعد الحماية وهذا من خلال المادة 66 منه، إذ تنص :«... وتستمد القواعد العامة لحماية الأملاك الوطنية العمومية مما يأتي:
- مبادئ عدم قابلية التصرف، وعدم قابلية التقادم، وعدم قابلية الحجز .
- القواعد الجزائية العامة المتعلقة بالمساس بالأملاك وبمخالفات الطرق والقواعد الخاصة بنظام المحافظة» ... .
المطلب1: الحماية المدنية
تعني الحماية المدنية للأملاك العمومية تطبيق الأحكام والقواعد التي نص عليها القانون المدني لضمان أداء المال العام لدوره في خدمة المنفعة العامة على الوجه الأفضل.
ولقد نص المشرع على هذه الحماية المادة 689 من القانون المدني، باعتباره الشريعة العامة، كما تضمنت أحكامها المادة 66 من قانون الأملاك الوطنية المذكورة سابقاً، وقبلها المادة 4 من القانون نفسه في فقرتها الأولى وذلك بقولها : «الأملاك الوطنية العمومية غير قابلة للتصرف ولا للتقادم ولا للحجز .»
الفرع 1 : عدم قابلية الأملاك العمومية للتصرف
كان الغرض من وضع قيد عدم جواز التصرف في الأموال العامة في فرنسا قديماً، هو حماية أموال التاج من أن يبددها الملوك بإسرافهم وتبذيرهم، وكان الملك طبقا لهذا القيد يمنع من تبديد أمواله العامة والخاصة .
وقد تغير هذا المبدأ في الوقت الراهن، وأصبح الغرض منه حماية النفع العام الذي خصص المال من أجله، وبذلك يكون تخصيص المال للمنفعة العامة هو الذي أدى إلى الإبقاء على هذا المبدأ رغم تغير أساسه.
ويتمثل مضمون هذا المبدأ في أن المال العام يكون مملوكاً ملكية صحيحة للإدارة التي يتبعها هذا المال، إلا أن هذا المال مخصص أصلاً للمنفعة العامة، الأمر الذي يترتب عليه أنه لا يجوز للإدارة التي تملك هذا المال أن تتصرف فيه بما يتعارض مع النفع العام الذي خصص من أجله، سواء كان هذا التصرف بمقابل كالبيع، أو بلا مقابل كالهبة.
وعليه، هناك أنواع من التصرفات تلائم الأموال العامة مع احتفاظها بصفة العمومية، لأنها لا تتعارض وتخصيصها للنفع العام، منها المبادلات التي تتم بين الأشخاص الإدارية المختلفة بشأن أحد أجزاء المال العام، فينقل المال العام من الدولة إلى الولاية أو البلدية أو العكس، كما أن للدولة أن تمنح إلتزاماً بمرفق عام يكون وعاؤه المال العام، وأن تمنح للأفراد حق استعمال المال العام استعمالا خاصاً كما رأينا سابقاً.
ولقد نص المشرع في قانون الأملاك الوطنية على هذه التصرفات التي تقوم بها الإدارة ولا تتعارض وتخصيص المال العام للنفع العام، حيث نصت المادة 73 منه على تحويل التسيير، في حين نصت المادة 63-المذكورة سابقاً – على التراخيص الخاصة بالشغل الخاص، كما نجد أن المادة 66 قد نصت على تقر ير حقوق الارتفاق ، إذ يترتب على هذه الأخيرة، أنه يجوز للإدارة أن تسمح بفتح ممر في أحد أموالها العامة لصالح الملاك المجاورين شريطة ألا يكون ذلك متناقضاً مع الهدف الذي خصص له المال العام، ولها في ذلك سلطة تقديرية .
الفرع 2: عدم قابلية الأملاك العمومية للتقادم
يعتبر هذا المبدأ نتيجة حتمية لمبدأ عدم جواز التصرف في الأموال العامة، فمادامت هذه الأموال لا يجوز التصرف فيها، بنقل ملكيتها إلى الغير، فإنه لا يجوز كذلك و من باب أولى إكتساب ملكيتها بالتقادم .
ويقصد بهذا المبدأ، أن استناد الأفراد إلى وضع يدهم على الأموال العامة مهما طالت مدته، لا يفيد في الادعاء باكتساب ملكيتها، كما أن حيازتها لا تصلح سبباً لقبول دعوى وضع اليد، لأن هذه الحيازة في نظر القانون، ليست إلا حيازة عارضة، لا تحميها دعوى وضع اليد التي شرعت لحماية الحيازة القانونية . ومن المعروف أن حيازة الأموال العامة غير مشروعة في نظر القانون ومن ثمة لا تحميها دعوى وضع اليد .
وتبدو أهمية قاعدة عدم جواز تملك الأموال العامة بالتقادم في كونها وسيلة فعالة لحماية الأموال العامة ضد اعتداءات الأفراد، خصوصاً بعد انتشار ظاهرة قيام الأفراد بالاعتداء على الأموال العامة للدولة- سيما العقارية منها – وذلك بوضع اليد عليها مدة طويلة من الزمن، و اقامة البنايات عليها أحياناً ٕفي محاولة من المعتدين لتثبيت ذلك الوضع غير المشروع، الأمر الذي يصعب التسليم به بشأن الأموال العامة المملوكة للدولة ولأشخاصها المعنوية العامة، مما استلزم تزويد الإدارة التي يتبعها المال العام بالوسيلة التي تمكنها من رد اعتداءات الأفراد على الأموال العامة، وذلك من خلال إعمال قاعدة عدم جواز تملك الأموال العامة بوضع اليد عليها لمدة طويلة .
ويلاحظ من خلال قانون الأملاك الوطنية المعدل سنة 2008 أن المشرع جعل الأملاك الوطنية سواء العمومية أو الخاصة غير قابلة للتقادم، بعدما كان الأمر في قانون الأملاك لسنة 1990 يقتصر على عدم قابلية الأملاك العمومية للتقادم دون الخاصة .
الفرع 3: عدم قابلية الأملاك العمومية للحجز
متى تقرر بأنه لا يجوز التصرف في المال العام بما يتعارض مع تخصيصه للنفع العام، وجب القول أيضا بأنه لا يجوز اتخاذ طرق التنفيذ الجبري إزاء هذا المال، لأن الحجز على الأموال العامة، سوف يؤدي في النهاية إلى بيعها بيعاً جبريا، إذ لم تكن هناك فائدة من توقيع الحجز عليها، إلا إذا كان يتبعه البيع، قصد تسديد الديون التي وقع الحجز من أجلها . كما أنه إذا كان البيع الاختياري للأموال العامة ممنوعاً، فمن باب أولى أن يمنع البيع الإجباري .
وفي حقيقة الأمر هذا المبدأ مفهوم، فحماية المال المخصص للنفع العام، والتي استلزمت منع نقل ً ملكيته اختيارا عن طريق وضع اليد، تستلزم أيضاً ألا تنزع ملكيته جبرا بطريق الحجز عليه كما يقع على أموال الأفراد. هذا فضلا عن القاعدة العامة التي تفرض ملاءة ذمة الدولة، وأنها قادرة على تنفيذ إلتزاماتها دون ضغط أو إكراه .
وينشأ عن مبدأ عدم قابلية المال العام للحجز عليه عدم جواز ترتيب رهن رسمي أو رهن حيازي أو حق امتياز أو اختصاص على المال العام، وذلك حتى لا يتقرر حق الأفضلية أو التتبع مثلما يحدث عند بيع الأموال الخاصة جبرا، لأن إجراء البيع على المال يقع باطلاً باتفاق الفقه.
و ان كان المشرع قد خرج نوعاً ما عن هذه القاعدة أو المبدأ بفتح المجال لإمكان ترتيب رهن على الملك العام، ولكن بأحكام خاصة إذ تنقضي هذه الرهون بانقضاء سند الشغل الخاص .
المطلب2: الحماية الجنائية
بجانب الأحكام السابقة التي تحمي المال العام من التصرفات المدنية، فإن المشرع قد عنى بتقرير حماية خاصة للمال العام، تحفظه من أنواع التعدي الصادرة من جمهور المنتفعين أو إهمالهم، ألا وهي الحماية الجنائية، غير أن هذه الحماية ليست موحدة بحيث تشمل جميع الأموال العامة على قدم المساواة، ولكنها تنصب بصورة أوضح على الأموال الأكثر تعرضاً للجمهور، كالطرق العامة... .
ولقد قرر قانون الأملاك الوطنية حماية جزائية للأملاك العمومية، بالإضافة إلى الحماية المقررة في قانون العقوبات ونصوص قانونية أخرى .
الفرع 1: في قانون الأملاك الوطنية
نجد أن قانون الأملاك الوطنية نص على مبدأ الحماية الجزائية للأملاك العمومية في المادة 66 منه بقولها :«... –القواعد الجزائية العامة المتعلقة بالمساس بالأملاك وبمخالفات الطرق والقواعد الخاصة بنظام المحافظة »، يضاف إلى ذلك الفصل ما قبل الأخير من هذا القانون المعنون بـ «الأحكام الجزائية » والذي تضمن المواد 136 ،137 ،138.
ولقد أحالت المادة 136 مسألة العقاب عن كل أنواع المساس بالأملاك الوطنية إلى قانون العقوبات، في حين أن المادة 137 بعد تعديل 2008 أضافت إلى ذلك سريان مفعول الأحكام الجزائية المنصوص عليها في القوانين التي تحكم تنظيم وسير المصالح العمومية والمؤسسات والهيئات العمومية، وكذا أحكام التشريع الخاص بمختلف قطاعات الإقتصاد الوطني الذي يعاقب على المساس بالأملاك الوطنية .
كما أن المادة 138 جعلت معاينة وملاحقة المخالفات المنصوص عليها في المادة 136 تتم طبقاً للإجراءات المقررة في قانون الإجراءات الجزائية .
من خلال أحكام هذه المواد نجد بأن قانون الأملاك الوطنية، من جهة أحال الحماية الجنائية للمال العام إلى القوانين الخاصة بها وعلى رأسها قانون العقوبات، ومن جهة أخرى تكلم على نظام المحافظة، وهذا الأخير نظمه المشرع في المادتين 68 و 69 من قانون الأملاك الوطنية، حيث يشكل نظام المحافظة عنصر من عناصر نظام الأملاك الوطنية، يهدف إلى ضمان المحافظة على الأملاك الوطنية العمومية بموجب تشريع ملائم مرفق بعقوبات جزائية.
ويطبق في مجال نظام المحافظة ما يلي :
- تطبق المتابعات عن المخالفات ضد الشخص الذي ينسب إليه الفعل الذي يحدث المخالفة أو الشخص الذي تنجز لحسابه الأشغال وتسبب في الأضرار .
- يشرع في المتابعة على أساس محضر يعده أشخاص لهم صفة ضابط الشرطة القضائية أو موظفون يخولهم القانون بعض سلطات الشرطة القضائية فيما يخص حماية الأملاك الوطنية العمومية والمحافظة عليها.
الفرع 2: في قانون العقوبات
وهي الحماية التي يقررها قانون العقوبات لكفالة الأموال العامة والحفاظ عليها، بتحريم تعدي الأفراد عليها وتعريضهم للعقاب الجنائي بهذا الشأن. وحماية الأموال العامة جنائيا تعتبر استثناء خارجاً عن القواعد العامة، لأن الاعتداءات على الأموال الخاصة يمكن مبدئياً مطالبة المعتدي بالتعويض المدني، ولا يوقع على هذا الأخير العقاب الجنائي إلا في حالة مساسه بهذه الأموال مساساً خطيرا متعمدا .
ولكن الأمر يختلف بالنسبة للأموال العامة، إذ أن كل اعتداء مادي يقع عليها يستوجب توقيع الجزاء الجنائي ، حتى إذا لم يكن هذا الاعتداء متعمدا بل كان نتيجة إهمال أو عدم احتياط .
وبالرجوع إلى قانون العقوبات الجزائري يلاحظ أن هناك العديد من المواد التي تنص على الجرائم التي تمس بالمال العام والعقوبات المقابلة لها، نذكر منها على سبيل المثال :
تنص المادة 119 مكرر : « يعاقب بالحبس من ستة(6)أشهر إلى ثلاثة ( 3)سنوات وبغرامة مالية كل موظف عمومي تسبب بإهماله الواضح في سرقة أو اختلاس أو تلف أو ضياع أموال عمومية أو خاصة... ، » فهذه المادة تهدف إلى حماية المال العام من السرقة أو الاختلاس أو التلف أو الضياع، والذي يكون سبباً فيه الإهمال الواضح من الموظف العمومي .
في حين تنص المادة 120»: يعاقب بالحبس من سنتين(2)إلى عشر ( 10) سنوات وبغرامة مالية ... القاضي أو الموظف أو الضابط العمومي الذي يتلف أو يزيل أو يبدد أموال عمومية... ، » فهنا الأمر يتعلق بإتلاف أو تبديد أو إزالة أموال عمومية من قبل القاضي أو الضابط العمومي أو الموظف ، ِعكس الحالة الأولى التي يكون فيها التلف أو الاختلاس أو الضياع من قبل الغير في حين تسبب فيه موظف عمومي بإهماله الواضح .
كما نجد أن المادة 150 تتعلق بتهديم أو تخريب أو تدنيس القبور، أما المادة 155 فتتعلق بكسر الأختام العمومية، في حين أن المادة 160مكرر 4 تتعلق بحبس من قام عمدا بإتلاف أو هدم أو تخريب نصب أو تماثيل أو لوحات أو أشياء أخرى مخصصة للمنفعة العمومية أو تزيين الأماكن العامة، أو نصب أو تماثيل أو لوحات أو أية أشياء فنية موضوعة في المتاحف والمباني المفتوحة للجمهور.
يضاف إلى هذه المواد كل ما يتعلق بالجرائم الواقعة على المال العام والمحددة في قانون العقوبات أو حتى قوانين أخرى خاصة .
- Enseignant: BAOUNI Khaled
